(وبدا لهم من الله ما لم يكونوا يحتسبون) وعيد لا يحاط بكنهه، ونظيره في الوعد قوله: ﴿فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين﴾ (١).
وعن محمد بن المنكدر أنه جزع عند موته، فقيل له في ذلك فقال: أخشى آية من كتاب الله وتلاها، ثم قال: أخشى أن يبدو لي من الله ما لم أحتسب.
وعن سفيان الثوري أنه قرأها فقال: ويل لأهل الرياء، ويل لأهل الرياء (٢).
(وبدا لهم سيئات) أعمالهم التي كسبوها، أو: سيئات كسبهم حين تعرض صحائفهم وكانت خافية عليهم كقوله: ﴿أحصه الله ونسوه﴾ (٣)، أو: جزاء سيئاتهم من أنواع العذاب سماها سيئات كما قال: ﴿جزآء سيئة سيئة مثلها﴾ (٤)، (وحاق بهم) أحاط بهم ونزل بهم جزاء استهزائهم، يقال: خوله شيئا إذا أعطاه على غير جزاء.
قال: (إنمآ أوتيته على علم) أي: على علم مني بأني أعطيته لما في من الفضل والاستحقاق، أو: على علم من الله باستحقاقي فلذلك آتاني ما آتاني، أو:
على علم مني بوجوه الكسب كما قال قارون: ﴿على علم عندي﴾ (5) وذكر الضمير العائد إلى (نعمة) في (أوتيته) لأنه أراد شيئا من النعمة أو قسما منها، ويمكن أن يكون " ما " في (إنمآ) موصولة لا كافة، فيرجع الضمير إليه (بل هي فتنة) إنكار لذلك القول، أي: ليس كما تقول بل هي فتنة أي: ابتلاء واختبار له أيشكر أم يكفر؛ ذكر الضمير أولا على المعنى، وأنث هنا على اللفظ، أو: لأن الخبر مؤنث.