تفسير جوامع الجامع - الشيخ الطبرسي - ج ٣ - الصفحة ١٣٤
لأنه لا يندرس أثره (1).
(واضرب لهم مثلا) مثل لهم من قولهم: عندي من هذا الضرب كذا، أي: من هذا المثال، والمعنى: واضرب لهم مثلا مثل (أصحاب القرية) والمثل الثاني بيان للأول، و (إذ) بدل من (أصحب القرية)، والقرية: أنطاكية، والمرسلون: رسل عيسى (عليه السلام) إلى أهلها، بعثهم دعاة إلى الحق، وكانوا عبدة الأوثان، وإنما أضاف سبحانه إرسالهم إلى نفسه لأنه أرسلهم بأمره (فعززنا) فقويناهما وشددنا ظهورهما برسول ثالث، يقال: المطر يعزز الأرض أي: يلبدها ويشدها، وقرئ:
" فعززنا بثالث " بالتخفيف (2) من: عزه يعزه إذا غلبه، أي: فغلبنا وقهرنا بثالث.
وترك ذكر المفعول به لأن الغرض ذكر المعزز به وهو شمعون الصفا رأس الحواريين.
(قالوا إنا إليكم مرسلون) أولا و (إنا إليكم لمرسلون) ثانيا، لأن الأول ابتداء إخبار، والثاني جواب عن إنكار، قوله: (ربنا يعلم) جار مجرى القسم في التوكيد، ومثله قولهم: شهد الله وعلم الله، وإنما حسن منهم هذا الجواب الوارد على سبيل التوكيد لأنهم حققوه بقوله: (وما علينا إلا البلاغ المبين) وهو الظاهر المكشوف بالآيات والمعجزات الشاهدة بصحته، وإلا فلو قال المدعي: والله إني لصادق فيما أدعي، ولم يحضر البينة لكان قبيحا.
(قالوا إنا تطيرنا) أي: تشأمنا (بكم) وذلك أنهم كرهوا دينهم ونفرت منه نفوسهم (لئن لم تنتهوا) عما تدعونه من الرسالة (لنرجمنكم) بالحجارة أو لنشتمنكم، قال الرسل: (طائركم معكم) أي: سبب شؤمكم معكم، وهو

(1) حكاه الثعالبي في تفسيره: ج 3 ص 31 ونسبه إلى فرقة.
(2) قرأه أبو بكر والمفضل عن عاصم. راجع التذكرة في القراءات لابن غلبون: ج 2 ص 629.
(١٣٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 129 130 131 132 133 134 135 136 137 138 139 ... » »»