تفسير جوامع الجامع - الشيخ الطبرسي - ج ٣ - الصفحة ١٣٢
ثم مثل تصميمهم على الكفر بأن جعلهم كالمغلولين المقمحين، في أنهم لا يلتفتون إلى الحق ولا يعطفون أعناقهم نحوه، وكالحاصلين بين سدين. (لا يبصرون) ما بين أيديهم وما خلفهم في أن لا تأمل لهم ولا استبصار (فهي إلى الأذقان) معناه: فالأغلال واصلة إلى الأذقان، فلا تخليه يطأطئ رأسه فلا يزال مقمحا، وهو الذي يرفع رأسه ويغض بصره، ويقال: قمح البعير: إذا رفع رأسه ولم يشرب الماء، وأقمحتها أنا، وبعير قامح، وإبل قماح، قال الشاعر يصف سفينة:
ونحن على جوانبها قعود * نغض الطرف كالإبل القماح (1) وعن ابن عباس: أن المعني بذلك ناس من قريش هموا بقتل النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فلم يستطيعوا أن يبسطوا إليه يدا، وخرج إليهم وطرح التراب على رؤوسهم وهم لا يبصرونه (2). وعلى هذا فيكون معنى " السدين " أنه جعلهم لا يبصرونه، ومعنى (فأغشيناهم): جعلنا على أبصارهم غشاوة وحلنا (3) بينهم وبينه.
(إنما تنذر من اتبع الذكر وخشى الرحمن بالغيب فبشره بمغفرة وأجر كريم (11) إنا نحن نحى الموتى ونكتب ما قدموا وءاثرهم وكل شىء أحصينه في إمام مبين (12) واضرب لهم مثلا أصحب القرية إذ جآءها المرسلون (13) إذ أرسلنآ إليهم اثنين فكذبوهما فعززنا بثالث فقالوا إنآ إليكم مرسلون (14) قالوا مآ أنتم إلا بشر مثلنا ومآ أنزل الرحمن من شىء إن أنتم إلا تكذبون (15) قالوا ربنا يعلم إنآ إليكم لمرسلون (16) وما علينآ إلا البلغ المبين (17) قالوا إنا تطيرنا بكم لبن

(١) البيت منسوب إلى بشر بن أبي خازم الأسدي. راجع مجاز القرآن: ج 2 ص 175.
(2) حكاه عنه ابن مردويه كما في الدر المنثور: ج 7 ص 44.
(3) في نسخة: " وجعلناه ".
(١٣٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 127 128 129 130 131 132 133 134 135 136 137 ... » »»