تفسير جوامع الجامع - الشيخ الطبرسي - ج ٣ - الصفحة ١٤٥
والمثل: " صدقني سن بكره " (1)، أي: هو الذي وعده الله في كتبه المنزلة على ألسنة رسله الصادقين، وليس ببعث النائم من مرقده بل هو البعث الأكبر، أي:
لم تكن تلك المدة إلا مدة صيحة واحدة، فإذا الأولون والآخرون مجموعون (لدينا) في عرصات القيامة، محصلون في موقف الحساب (فاليوم لا تظلم نفس شيئا).
(إن أصحاب الجنة اليوم في شغل فاكهون) حكاية ما يقال لهم في ذلك اليوم، وفي مثل هذه الحكاية تصوير للموعود، وتمكين له في النفوس، وترغيب في الحرص على العمل بما يثمره ويؤدي إليه (في شغل) وقرئ: " في شغل " بسكون الغين (2) وهما لغتان، أي: في أي شغل لا يحاط بوصفه، وهو النعيم الذي شملهم وشغلهم عما فيه أهل النار فلا يذكرونهم وإن كانوا أقاربهم، وقيل: شغلوا بافتضاض العذارى وباستماع الألحان (3). وقرئ: (فاكهون) و " فكهون " (4) والمعنى واحد، أي: متنعمون متلذذون، ومنه الفاكهة لأنها مما يتلذذ به، وقيل:
فرحون طيبو النفوس معجبون بما هم فيه من الفكاهة وهي المزاح والأحاديث الطيبة (5).

(١) يضرب للرجل يكذب في الأمر يدل بعض أحواله على الصدق فيه. وأصله: أن رجلا ساوم رجلا ببعير فسأل عن سنه، فأخبره أنه بكر - والبكر: الفتي - ففر عنه فوجده هرما فقال:
صدقني سن بكره وكذبني هو. راجع جمهرة الأمثال للعسكري: ج ١ ص ٥٧٥.
(٢) قرأه الحرميان وأبو عمرو. راجع التذكرة في القراءات: ص ٦٣١.
(٣) وهو قول ابن مسعود والحسن وسعيد بن جبير وقتادة. راجع تفسير الماوردي: ج ٥ ص ٢٤.
(٤) قرأه ابن مسعود والسلمي وأبو المتوكل وقتادة وأبو الجوزاء والنخعي وأبو جعفر المدني.
راجع تفسير القرطبي: ج ١٥ ص ٤٤.
(5) قاله ابن عباس ومجاهد. راجع تفسير الماوردي: ج 5 ص 25.
(١٤٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 140 141 142 143 144 145 146 147 148 149 150 ... » »»