تفسير جوامع الجامع - الشيخ الطبرسي - ج ٣ - الصفحة ١٣١
أو: لأنه كلام حكيم، فوصف بصفة المتكلم به (إنك لمن المرسلين) جواب القسم (على صراط مستقيم) خبر بعد خبر، أو صلة ل‍ (المرسلين) (١) أي: إنك لمن الرسل الثابتين على طريق ثابت وشريعة واضحة.
وقرئ: (تنزيل) بالرفع (٢) على أنه خبر مبتدأ محذوف، وبالنصب على:
أعني.
(لتنذر قوما) لم ينذر (ءاباؤهم) قبلهم، لأنهم كانوا في زمان الفترة بين عيسى ونبينا (عليهما السلام)، ومثله: ﴿لتنذر قوما ماءاتهم من نذير من قبلك﴾ (٣) (وما أرسلنا إليهم قبلك من نذير) (٤) فيكون (ما أنذر ءاباؤهم) في موضع نصب على الصفة. وقد فسر (ما أنذر) على إثبات الإنذار بأن جعل " ما " مصدرية بمعنى:
لتنذر قوما إنذار آبائهم، أو: موصولة منصوبة على المفعول الثاني بمعنى: لتنذر قوما ما أنذر آباؤهم من العذاب كقوله: (إنا أنذرناكم عذابا قريبا) (٥). وقوله: (فهم غافلون) على التفسير الأول يتعلق بالنفي، أي: لم ينذروا فهم غافلون، على أن عدم إنذارهم سبب غفلتهم، وعلى الثاني يتعلق بقوله: (إنك لمن المرسلين) لتنذر، كما تقول: أرسلتك إلى فلان لتنذره فإنه غافل.
(لقد حق القول على أكثرهم) وهو قوله سبحانه: ﴿لأملأن جهنم من الجنة والناس أجمعين﴾ (6) أي: ثبت عليهم هذا القول ووجب لأنهم ممن علم من حالهم أنهم يموتون على الكفر.

(١) ليس في نسختين: " أو صلة للمرسلين ".
(٢) قرأه ابن كثير ونافع وأبو عمرو وأبو بكر عن عاصم. راجع كتاب السبعة في القراءات:
ص ٥٣٩.
(٣) القصص: ٤٦.
(٤) سبأ: ٤٤.
(٥) النبأ: ٤٠.
(٦) هود: ١١٩.
(١٣١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 126 127 128 129 130 131 132 133 134 135 136 ... » »»