تفسير جوامع الجامع - الشيخ الطبرسي - ج ٣ - الصفحة ١٢٣
(ثم أورثنا الكتب) المعنى: إنا أوحينا إليك القرآن مصدقا لما قبله من الكتب موافقا لما بشرت به تلك الكتب من حاله وحال من أتى به، ثم أورثناه الذين اصطفينا من عبادنا بعدك وهم علماء الأمة، لما ورد في الحديث: " أن العلماء ورثة الأنبياء " (1)، والمروي عن الباقر والصادق (عليهما السلام) أنهما قالا: " هي لنا خاصة، وإيانا عنى " (2). وهذا هو الصحيح؛ لأن الوصف بالاصطفاء أليق بهم، إذ هم ورثة الأنبياء، وقدوة العلماء، المستحفظون للكتاب، العارفون بحقائقه.
(فمنهم ظالم لنفسه) وعن ابن عباس والحسن: أن الضمير للعباد (3)، واختاره المرتضى قدس روحه قال: علل تعليقه سبحانه وراثة الكتاب بالمصطفين من عباده بأن فيهم من هو ظالم لنفسه ومن هو (مقتصد) ومن هو (سابق بالخيرت) (4). وقيل: إن الضمير للذين اصطفاهم الله (5).
وروي عن الصادق (عليه السلام) أنه قال: " الظالم لنفسه منا: من لا يعرف حق الإمام، والمقتصد منا: العارف بحق الإمام، والسابق بالخيرات: هو الإمام " (6).
وكلهم مغفور لهم، وذلك لاصطفاء وإيراث الكتاب، أو: ذلك السبق بالخيرات هو (الفضل الكبير).
(جنت عدن) بدل من (الفضل الكبير) الذي هو السبق بالخيرات، لأنه لما كان السبب في نيل الثواب نزله منزلة المسبب، كأنه هو الثواب، فأبدلت عنه

(١) رواه الترمذي في سننه: ج ٥ ص ٤٩ ذ ح ٢٦٨٢، والدارمي أيضا في سننه: ج ١ ص ٩٨ كلاهما عن أبي الدرداء.
(٢) المناقب لابن شهر آشوب: ج ٤ ص ١٣٠.
(٣) تفسير الحسن البصري: ج ٢ ص ٢٢٣، تفسير القرطبي: ج ١٤ ص ٣٤٦.
(٤) رسائل الشريف المرتضى (المجموعة الثالثة): ص ١٠٢.
(٥) حكاه الماوردي في تفسيره: ج ٤ ص ٤٧٣.
(٦) رواه الصدوق في معاني الأخبار: ١٠٤.
(١٢٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 118 119 120 121 122 123 124 125 126 127 128 ... » »»