تفسير جوامع الجامع - الشيخ الطبرسي - ج ١ - الصفحة ٤٧٩
يوجبون أقل ما يقع عليه اسم المسح، وهذا مذهب الشافعي (1)، * (وأرجلكم إلى الكعبين) * قرئ: بالجر (2) والنصب، فالجر للعطف على اللفظ والنصب للعطف على محل الجار والمجرور.
وقال جار الله: كانت الأرجل مظنة للإسراف المذموم في صب الماء عليها فعطفت على الممسوح لا لتمسح لكن لينبه على وجوب الاقتصاد في صب الماء عليها، وقيل: * (إلى الكعبين) * فجئ بالغاية إماطة لظن ظان يحسبها ممسوحة لأن المسح لم يضرب له غاية في الشريعة (3).
وهذا كلام فاسد، لأن حقيقة العطف تقتضي أن يكون المعطوف في حكم المعطوف عليه، وكيف يكون المسح في معنى الغسل وفائدة اللفظين (4) مختلفة ولفظ التنزيل قد فرق بين الأعضاء المغسولة والأعضاء الممسوحة؟! وأما قوله:
" لم يضرب للمسح غاية " فمما لا يخفى فساده، لأن ضرب الغاية لا يدل على الغسل، فلو صرح فقيل: " وامسحوا بأرجلكم إلى الكعبين " لم يكن منكرا ولم

(١) الام: ج ١ ص ٢٦، أحكام القرآن للجصاص: ج ٢ ص ٣٤١، عمدة القارئ: ج ٢ ص ٢٣٤، بدائع الصنائع: ج ١ ص ٤، فتح المعين: ص ٦، بداية المجتهد: ج ١ ص ١١، الخلاف للشيخ الطوسي: ج ١ ص ٨٢ وقال: وبه قال الأوزاعي والثوري.
(٢) قرأه ابن كثير وأبو عمرو وحمزة وأبو بكر عن عاصم، وهي قراءة أنس وعلقمة وأبي جعفر.
راجع أحكام القرآن لابن العربي: ج ٢ ص ٧١، والقرطبي: ج ٦ ص ٩١ وقال: اتفقت العلماء على وجوب غسلهما، وما علمت من رد ذلك سوى الطبري من فقهاء المسلمين، والرافضة من غيرهم، وتعلق الطبري بقراءة الخفض، انتهى. وهي قراءة أهل البيت (عليهم السلام)، ففي التهذيب:
ج ١ ص ٧٠
ح 188 الشيخ باسناده عن غالب بن الهذيل قال: سألت أبا جعفر عن الآية * (وامسحوا برءوسكم وأرجلكم إلى الكعبين) * على الخفض هي أم على النصب، قال: هي على الخفض.
(3) الكشاف: ج 1 ص 611.
(4) في نسخة: اللفظتين.
(٤٧٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 474 475 476 477 478 479 480 481 482 483 484 ... » »»