تفسير جوامع الجامع - الشيخ الطبرسي - ج ١ - الصفحة ٤٨٠
يشك أحد في أنه كان يجب المسح إلى الكعبين فكذلك إذا جعل في حكم الممسوح بالعطف عليه، وقد بسطنا الكلام فيه في كتاب مجمع البيان (1) (2)، ولا يحتمل هذا الكتاب أكثر مما ذكرناه. والكعبان عندنا هما العظمان الناتئان (3) في القدمين عند معقد الشراك (4)، وإليه ذهب محمد بن الحسن (5).
سورة المائدة / 6 - 8 * (وإن كنتم جنبا فاطهروا) * أي: تطهروا بالاغتسال * (ما يريد الله ليجعل

(١) راجع: ج ٣ - ٤ ص ١٦٤ - ١٦٧.
(٢) قال السيد المرتضى: ان القراءة بالجر أولى من القراءة بالنصب، لأنا إذا نصبنا الأرجل فلابد من عامل في هذا النصب: فاما أن تكون معطوفة على الأيدي، أو يقدر لها عامل محذوفا، أو تكون معطوفة على موضع الجار والمجرور في قوله: * (برءوسكم) * ولا يجوز أن تكون معطوفة على الأيدي لبعدها من عامل النصب في الأيدي، ولأن اعمال العامل الأقرب أولى من اعمال الأبعد. وذكرنا قوله تعالى: * (آتوني أفرغ عليه قطرا) *، وقوله: * (هاؤم اقرؤا كتابيه) *، وقوله: * (وأنهم ظنوا كما ظننتم أن لن يبعث الله أحدا) *. وذكرنا ما هو أوضح من هذا كله وهو أن القائل إذا قال: ضربت عبد الله وأكرمت خالدا وبشرا، إن رد بشرا إلى حكم الجملة الماضية التي قد انقطع حكمها ووقع الخروج عنها لحن وخروج عن مقتضى اللغة، وقوله تعالى: * (فاغسلوا وجوهكم وأيديكم) * جملة مستقلة بنفسها وقد انقطع حكمها بالتجاوز لها إلى جملة أخرى وهو قوله: * (وامسحوا برءوسكم) *.
ولا يجوز أن تنصب الأرجل بمحذوف مقدر، لأنه لافرق بين أن تقدر محذوفا هو الغسل وبين أن تقدر محذوفا هو المسح، ولأن الحذف لا يصار إليه إلا عند الضرورة، وإذا استقل الكلام بنفسه من غير تقدير محذوف لم يجز حمله على محذوف.
فأما محل النصب على موضع الجار والمجرور فهو جائز شائع إلا أنه موجب للمسح دون الغسل، لأن الرؤوس ممسوحة، فما عطف على موضعها يجب أن يكون ممسوحا مثلها، إلا أنه لما كان اعمال أقرب العاملين أولى وأكثر في القرآن ولغة العرب وجب أن يكون جر الآية حتى تكون معطوفة على لفظة الرؤوس أولى من نصبها وعطفها على موضع الجار والمجرور، لأنه أبعد قليلا، فلهذا ترجحت القراءة بجر الأرجل على القراءة بالنصب. (راجع رسائله: ج ٣ ص ١٦٣).
(٣) في بعض النسخ: النابتان.
(٤) راجع الخلاف للشيخ الطوسي: ج ١ ص ٩٢ مسألة (٤٠)، والتبيان: ج ١ ص ٤٥٢.
(٥) المبسوط للسرخسي: ج ١ ص ٩، أحكام القرآن للجصاص: ج ٢ ص ٣٤٧، بدائع الصنائع:
ج ١ ص ٧
، تفسير الرازي: ج ١١ ص ١٦٢.
(٤٨٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 475 476 477 478 479 480 481 482 483 484 485 ... » »»