أمر الله بني إسرائيل بعد هلاك فرعون بمصر بأن يسيروا إلى أريحا من أرض الشام وكان يسكنها الجبابرة، وقال: إني كتبتها لكم قرارا، وأمر موسى بأن يأخذ من كل سبط نقيبا يكون كفيلا على قومه بالوفاء بما أمروا به من الخروج إلى الجبابرة والجهاد وقائدا ورئيسا لهم، فاختار النقباء وأخذ الميثاق على بني إسرائيل وتكفل لهم به النقباء وسار بهم، فلما دنا من أرضهم بعث النقباء يتجسسون (1) فرأوا أجراما عظيمة وقوة فرجعوا فأخبروا موسى (عليه السلام) بذلك، فأمرهم أن يكتموا ذلك، فحدثوا بذلك قومهم إلا كالب بن يوفنا من سبط يهودا ويوشع بن نون من سبط آفرائيم بن يوسف وكان من النقباء، وقيل: كتم خمسة وأظهر الباقون (2)، والنقيب: الذي ينقب عن أحوال القوم أي: يفتش عنها، كما قيل: عريف لأنه يتعرفها * (إني معكم) * أي: ناصركم ومعينكم * (وعزرتموهم) * نصرتموهم ومنعتموهم من أيدي العدو، ومنه التعزير وهو التنكيل والمنع من معاودة الفساد، وقيل: معناه: ولقد أخذنا ميثاقهم بالإيمان والعدل (3) * (وبعثنا منهم اثنى عشر) * ملكا يقيمون فيهم العدل، واللام في * (لئن أقمتم) * موطئة للقسم (4)، وفي * (لأكفرن) * جواب للقسم ساد مسد جواب القسم والشرط جميعا (5) * (فمن كفر بعد ذلك منكم) * أي: بعد أخذ الميثاق وبعث النقباء * (فقد ضل) * أي: أخطأ * (سواء السبيل) * وزال عن قصد الطريق الواضح، لأن النعمة كلما عظمت وزادت كثرت المذمة في كفرانها وتمادت.
(٤٨٣)