تفسير جوامع الجامع - الشيخ الطبرسي - ج ١ - الصفحة ٤٧٤
يبطلوه وأن ترجعوا محللين لهذه المحرمات، وقيل: يئسوا من دينكم أن يغلبوه، سورة المائدة / 3 و 4 لأن الله تعالى وفى بعهده (1) من إظهاره على الدين كله (2) * (فلا تخشوهم) * بعد إظهار الدين وزوال الخوف منهم إذا انقلبوا مغلوبين بعد أن كانوا غالبين * (واخشون‍) * - ي وأخلصوا لي الخشية * (اليوم أكملت لكم دينكم) * وما تحتاجون إليه في تكليفكم من الحلال والحرام والفرائض والأحكام * (وأتممت عليكم نعمتي) * بولاية علي بن أبي طالب (عليه السلام)، روي عن الباقر والصادق (عليهما السلام) أنه إنما نزلت بعد أن نصب النبي (صلى الله عليه وآله) عليا (عليه السلام) علما للأنام يوم غدير خم عند منصرفه من حجة الوداع، وهو آخر فريضة أنزلها الله تعالى ثم لم ينزل بعدها فريضة (3) (4)،

(١) في نسخة: بوعده.
(٢) قاله ابن عباس والسدي وعطاء. راجع التبيان: ج ٣ ص ٤٣٤، واختاره الزجاج في معاني القرآن واعرابه: ج ٢ ص ١٤٨.
(٣) أمالي الصدوق: ص ١٠٩ ح ٨، التبيان: ج ٣ ص ٤٣٥.
(٤) قال القرطبي في تفسيره: ج ٦ ص ٦١ ما لفظه: روي أنها لما نزلت في يوم الحج الأكبر وقرأها رسول الله (صلى الله عليه وآله) بكى عمر، فقال له رسول الله (صلى الله عليه وآله): ما يبكيك؟ فقال: أبكاني أنا كنا في زيادة من ديننا فأما إذ كمل فإنه لم يكمل شئ إلا نقص، فقال له النبي (صلى الله عليه وآله): صدقت. قلت:...
إلى أن قال: لعل قائلا يقول: قوله تعالى: * (اليوم أكملت لكم دينكم) * يدل على أن الدين كان غير كامل في وقت من الأوقات، وذلك يوجب أن يكون جميع من مات من المهاجرين والأنصار والذين شهدوا بدرا والحديبية وبايعوا رسول الله (صلى الله عليه وآله) البيعتين جميعا وبذلوا لله أنفسهم مع عظيم ماحل بهم من أنواع المحن ماتوا على دين ناقص! وأن رسول الله (صلى الله عليه وآله) في ذلك كان يدعو الناس إلى دين ناقص!! ومعلوم أن النقص عيب، ودين الله تعالى قيم كما قال تعالى: * (دينا قيما) * فالجواب: لم قلت: إن كل نقص عيب وما دليلك عليه؟ ثم يقال له: أرأيت نقصان الشهر هل يكون عيبا ونقصان صلاة المسافر أهو عيب لها؟ ونقصان العمر الذي اراده الله بقوله: * (وما يعمر من معمر ولا ينقص من عمره) * أهو عيب له؟... إلى أن قال: وما أنكرت من معناه يخرج على وجهين: أحدهما: أن المراد بلغته أقصى الحد الذي كان له عندي فيما قضيته وقدرته، وذلك لا يوجب أن يكون ما قبل ذلك ناقصا نقصان عيب... إلى أن قال:
والوجه الآخر: أنه أراد بقوله تعالى أنه وفقهم للحج الذي لم يكن بقي عليهم من أركان الدين غيره، فحجوا، فاستجمع لهم الدين أداء لأركانه وقياما بفرائضه... الخ، انتهى.
(٤٧٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 469 470 471 472 473 474 475 476 477 478 479 ... » »»