الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل - الزمخشري - ج ٤ - الصفحة ٩
ما يبدل القول لدى وما أنا بظلام للعبيد. يوم نقول لجهنم هل امتلأت وتقول هل من مزيد.
____________________
ثم قال: لا تطمعوا أن أبدل قولي ووعيدي فأعفيكم عما أوعدتكم به (وما أنا بظلام للعبيد) فأعذب من ليس بمستوجب للعذاب. والباء في بالوعيد مزيدة مثلها في - ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة - أو معدية على أن قدم مطاوع بمعنى تقدم. ويجوز أن يقع الفعل على جملة قوله - ما يبدل القول لدى وما أنا بظلام للعبيد - ولأن بالوعيد حالا:
أي قدمت إليكم هذا ملتبسا بالوعيد مقترنا به، أو قدمته إليكم موعدا لكم به. فإن قلت: إن قوله وقد قدمت إليكم واقع موقع الحال من لا تختصموا، والتقديم بالوعيد في الدنيا والخصومة في الآخرة واجتماعهما في زمان واحد واجب. قلت: معناه لا تختصموا وقد صح عندكم أنى قدمت إليكم بالوعيد وصحة ذلك عندهم في الآخرة فإن قلت:
كيف قال بظلام على لفظ المبالغة؟ قلت: فيه وجهان: أحدهما أن يكون من قولك هو ظالم لعبده. وظلام لعبيده والثاني أن يراد لو عذبت من لا يستحق العذاب لكنت ظلاما مفرط الظلم فنفى ذلك. قرئ نقول بالنون والياء. وعن سعيد بن جبير: يوم يقول الله لجهنم. وعن ابن مسعود والحسن يقال. وانتصاب اليوم بظلام أو بمضمر نحو أذكر وأنذر، ويجوز أن ينتصب بنفخ كأنه قيل ونفخ في الصور - يوم نقول لجهنم - وعلى هذا يشار بذلك إلى يوم نقول ولا يقدر حذف المضاف. وسؤال جهنم وجوابها من باب التخييل الذي يقصد به تصوير المعنى في القلب وتثبيته، وفيه معنيان: أحدهما أنها تمتلئ مع اتساعها وتباعد أطرافها حتى لا يسعها شئ ولا يزاد على امتلائها لقوله تعالى - لأملأن جهنم - والثاني أنها من السعة بحيث يدخلها من يدخلها وفيها موضع للمزيد، ويجوز
(٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 ... » »»