ولا تجعلوا مع الله إلها آخر إني لكم منه نذير مبين. كذلك ما أتى الذين من قبلهم من رسول إلا قالوا ساحر أو مجنون. أتواصوا به بل هم قوم طاغون.
فتول عنهم فما أنت بملوم.
____________________
* (بأيد) بقوة، والأيد والآد القوة، وقد آد يئيد وهو أيد (وإنا لموسعون) لقادرون من الوسع وهى الطاقة، والموسع: القوى على الإنفاق. وعن الحسن: لموسعون الرزق بالمطر، وقيل جعلنا بينها وبين الأرض سعة (فنعم الماهدون) فنعم الماهدون نحن (ومن كل شئ) أي من كل شئ من الحيوان (خلقنا زوجين) ذكرا وأنثى. وعن الحسن: السماء والأرض والليل والنهار والشمس والقمر والبر والبحر والموت والحياة، فعدد أشياء، وقال: كل اثنين منها زوج والله تعالى فرد لا مثل له (لعلكم تذكرون) أي فعلنا ذلك كله من بناء السماء وفرش الأرض وخلق الأزواج إرادة أن تتذكروا فتعرفوا الخالق وتعبدوه (ففروا إلى الله) أي إلى طاعته وثوابه من معصيته وعقابه، ووحدوه ولا تشركوا به شيئا، وكرر قوله (إني لكم منه نذير مبين) عند الأمر بالطاعة والنهى عن الشرك ليعلم أن الإيمان لا ينفع إلا مع العمل كما أن العمل لا ينفع إلا مع الإيمان، وأنه لا يفوز عند الله إلا الجامع بينهما، ألا ترى إلى قوله تعالى - لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا - والمعنى: قل يا محمد ففروا إلى الله (كذلك) الأمر: أي مثل ذلك، وذلك إشارة إلى تكذيبهم الرسول وتسميته ساحرا ومجنونا. ثم فسر ما أجمل بقوله (ما أتى) ولا يصح أن تكون الكاف منصوبة بأتى لأن من النافية لا يعمل ما بعدها فيما قبلها، ولو قيل لم يأت لكان صحيحا على معنى مثل ذلك الإتيان لم يأت من قبلهم رسول الله قالوا (أتواصوا به) الضمير للقول، يعنى أتواصى الأولون والآخرون بهذا القول حتى قالوه جميعا متفقين عليه (بل هم قوم طاغون) أي لم يتواصوا به لأنهم لم يتلاقوا في زمان واحد بل جمعتهم العلة الواحدة وهى الطغيان والطغيان هو الحامل عليه (فتول عنهم) فأعرض عن الذين كررت عليهم الدعوة فلم يجيبوا وعرفت العناد واللجاج فلا لوم عليك في إعراضك بعد ما بلغت الرسالة وبذلت مجهودك في البلاغ والدعوة ولا تدعو التذكير والموعظة بأيام