إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد. ولقد خلقنا السماوات والأرض وما بينهما في ستة أيام وما مسنا من لغوب
____________________
لمصدر خشى: أي خشيه خشية ملتبسة بالغيب حيث خشى عقابه وهو غائب، أو خشيه بسبب الغيب الذي أو عده به من عذابه. وقيل في الخلوة حيث لا يراه أحد. فإن قلت: كيف قرن بالخشية اسمه الدال على سعة الرحمة؟
قلت: للثناء البليغ على الخاشي وهو خشيته مع علمه أنه الواسع الرحمة، كما أثنى على بأنه خاش مع أن المخشى منه غائب ونحوه - والذين يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلة - فوصفهم بالوجل مع كثرة الطاعات. وصف القلب بالإنابة وهى الرجوع إلى الله تعالى لأن الاعتبار بما ثبت منها في القلب. يقال لهم (ادخلوها بسلام) أي سالمين من العذاب وزوال النعم، أو مسلما عليكم يسلم عليكم الله وملائكته (ذلك يوم الخلود) أي يوم تقدير الخلود كقوله تعالى - فادخلوها خالدين - أي مقدرين الخلود (ولدينا مزيد) هو ما لم يخطر ببالهم ولم تبلغه أمانيهم حتى يشاءوه. وقيل إن السحاب تمر بأهل الجنة فتمطرهم الحور فتقول نحن المزيد الذي قال الله عز وجل - ولدينا مزيد - (فنقبوا) وقرئ بالتخفيف فخرقوا في البلاد ودوخوا. والتنقيب: التنقير عن الأمر والبحث والطلب. قال الحارث بن حلزة:
نقبوا في البلاد من حذر الموت * وجالوا في الأرض كل مجال ودخلت الفاء للتسبيب عن قوله - هم أشد منهم بطشا - أي شدة بطشهم أبطرتهم وأقدرتهم على التنقيب وقوتهم عليه. ويجوز أن يراد فنقب أهل مكة في أسفارهم ومسايرهم في بلاد القرون، فهل رأوا لهم محيصا حتى يؤملوا مثله لأنفسهم، والدليل على صحته قراءة من قرأ فنقبوا على الأمر كقوله تعالى - فسيحوا في الأرض - وقرئ بكسر القاف مخففة من النقب وهو أن يتنقب خف البعير. قال * ما مسها من نقب ولا دبر * والمعنى: فنقبت أخفاف إبلهم أو حفيت أقدامهم ونقبت كما تنقب أخفاف الإبل لكثرة طوفهم في البلاد (هل من محيص) من الله أو من الموت (لمن كان له قلب) أي قلب واع، لأن من لا يعي قلبه فكأنه لا قلب له. وإلقاء السمع: الإصغاء (وهو شهيد) أي حاضر بفطنته لأن من لا يحضر ذهنه فكأنه غائب، وقد ملح الإمام عبد القاهر في قوله لبعض من يأخذ عنه:
ما شئت من زهزهة والفتى * بمصقلا باذ لسقى الزروع أو وهو مؤمن شاهد على صحته وأنه وحى من الله، أو وهو بعض الشهداء في قوله تعالى - لتكونوا شهداء على الناس - وعن قتادة: وهو شاهد على صدقه من أهل الكتاب لوجود نعته عنده. وقرأ السدى وجماعة ألقى السمع على البناء للمفعول ومعناه: لمن ألقى غيره السمع وفتح له أذنه فحسب ولم يحضر ذهنه وهو حاضر الذهن متفطن.
قلت: للثناء البليغ على الخاشي وهو خشيته مع علمه أنه الواسع الرحمة، كما أثنى على بأنه خاش مع أن المخشى منه غائب ونحوه - والذين يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلة - فوصفهم بالوجل مع كثرة الطاعات. وصف القلب بالإنابة وهى الرجوع إلى الله تعالى لأن الاعتبار بما ثبت منها في القلب. يقال لهم (ادخلوها بسلام) أي سالمين من العذاب وزوال النعم، أو مسلما عليكم يسلم عليكم الله وملائكته (ذلك يوم الخلود) أي يوم تقدير الخلود كقوله تعالى - فادخلوها خالدين - أي مقدرين الخلود (ولدينا مزيد) هو ما لم يخطر ببالهم ولم تبلغه أمانيهم حتى يشاءوه. وقيل إن السحاب تمر بأهل الجنة فتمطرهم الحور فتقول نحن المزيد الذي قال الله عز وجل - ولدينا مزيد - (فنقبوا) وقرئ بالتخفيف فخرقوا في البلاد ودوخوا. والتنقيب: التنقير عن الأمر والبحث والطلب. قال الحارث بن حلزة:
نقبوا في البلاد من حذر الموت * وجالوا في الأرض كل مجال ودخلت الفاء للتسبيب عن قوله - هم أشد منهم بطشا - أي شدة بطشهم أبطرتهم وأقدرتهم على التنقيب وقوتهم عليه. ويجوز أن يراد فنقب أهل مكة في أسفارهم ومسايرهم في بلاد القرون، فهل رأوا لهم محيصا حتى يؤملوا مثله لأنفسهم، والدليل على صحته قراءة من قرأ فنقبوا على الأمر كقوله تعالى - فسيحوا في الأرض - وقرئ بكسر القاف مخففة من النقب وهو أن يتنقب خف البعير. قال * ما مسها من نقب ولا دبر * والمعنى: فنقبت أخفاف إبلهم أو حفيت أقدامهم ونقبت كما تنقب أخفاف الإبل لكثرة طوفهم في البلاد (هل من محيص) من الله أو من الموت (لمن كان له قلب) أي قلب واع، لأن من لا يعي قلبه فكأنه لا قلب له. وإلقاء السمع: الإصغاء (وهو شهيد) أي حاضر بفطنته لأن من لا يحضر ذهنه فكأنه غائب، وقد ملح الإمام عبد القاهر في قوله لبعض من يأخذ عنه:
ما شئت من زهزهة والفتى * بمصقلا باذ لسقى الزروع أو وهو مؤمن شاهد على صحته وأنه وحى من الله، أو وهو بعض الشهداء في قوله تعالى - لتكونوا شهداء على الناس - وعن قتادة: وهو شاهد على صدقه من أهل الكتاب لوجود نعته عنده. وقرأ السدى وجماعة ألقى السمع على البناء للمفعول ومعناه: لمن ألقى غيره السمع وفتح له أذنه فحسب ولم يحضر ذهنه وهو حاضر الذهن متفطن.