الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل - الزمخشري - ج ٤ - الصفحة ٣٤
وأن إلى ربك المنتهى وأنه هو أضحك وأبكى وأنه هو أمات وأحيا. وأنه خلق الزوجين الذكر والأنثى. من نطفة إذا تمنى. وأن عليه النشأة الأخرى. وأنه هو أغنى وأقنى وأنه هو رب الشعرى وأنه أهلك عادا الأولى وثمودا فما أبقى.
وقوم نوح من قبل إنهم كانوا هم أظلم وأطغى. والمؤتفكة أهوى. فغشها ما غشى. فبأي آلاء ربك تتمارى.
____________________
وأسروا النجوى الذين ظلموا - (وأن إلى ربى المنتهى) قرئ بالفتح على معنى أن هذا كله في الصحف، وبالكسر على الابتداء وكذلك ما بعده، والمنتهى مصدر بمعنى الانتهاء: أي ينتهى إليه الخلق ويرجعون إليه كقوله تعالى - وإلى الله المصير - (أضحك وأبكى) خلق قوتي الضحك والبكاء (إذا تمنى) إذا تدفق في الرحم يقال منى وأمنى، وعن الأخفش: تخلق من منى ألماني: أي قدر المقدر، قرئ النشأة والنشأة بالمد وقال " عليه " لأنها واجبة عليه في الحكمة ليجازى على الإحسان والإساءة (وأقنى) وأعطى القنية وهى المال الذي تأثلته وعزمت أن لا تخرجه من يدك (الشعرى) مرزم الجوزاء وهى التي تطلع وراءها وتسمى كلب الجبار، وهما شعريان الغميصاء والعبور، وأراد العبور وكانت خزاعة تعبدها، سن لهم ذلك أبو كبشة رجل من أشرافهم، وكانت قريش تقول لرسول الله صلى الله عليه وسلم أبو كبشة تشبيها له به لمخالفته إياهم في دينهم، يريد أنه رب معبودهم هذا.. عاد الأولى قوم هود، وعاد الأخرى إرم. وقيل الأولى القدماء لأنهم أولى الأمم هلاكا بعد قوم نوح أو المتقدمون في الدنيا الأشراف. وقرئ عادا لولى وعاد لولى بإدغام التنوين في اللام وطرح همزة أولى ونقل ضمتها إلى لام التعريف (وثمودا) وقرئ وثمود (أظلم وأطغى) لأنهم كانوا يؤذونه ويضربونه حتى لا يكون به حراك وينفرون عنه حتى كانوا يحذرون صبيانهم أن يسمعوا منه وما أثر فيهم دعاؤه قريبا من ألف سنة (والمؤتفكة) والقرى التي ائتفكت بأهلها: أي انقلبت وهم قوم لوط يقال أفكه فائتفك. وقرئ والمؤتفكات (أهوى) رفعها إلى السماء على جناح جبريل ثم أهواها إلى الأرض أي أسقطها (ما غشى) تهويل وتعظيم لما صب عليها من العذاب وأمطر
(٣٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 ... » »»