ليدخل المؤمنين والمؤمنات جنات تجرى من تحتها الأنهار خالدين فيها ويكفر عنهم سيئاتهم وكان ذلك عند الله فوزا عظيما. ويعذب المنافقين والمنافقات والمشركين والمشركات الظانين بالله ظن السوء عليهم دائرة السوء وغضب الله عليهم ولعنهم وأعد لهم جهنم وساءت مصيرا. ولله جنود السماوات والأرض وكان الله عزيزا حكيما إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا. ليؤمنوا بالله ورسوله ويعزروه ويوقروه ويسبحوه
____________________
الأمن بعد الخوف والهدنة غب القتال فيزدادوا يقينا إلى يقينهم، أو أنزل فيها السكون إلى ما جاء به محمد عليه الصلاة والسلام من الشرائع (ليزدادوا إيمانا) بالشرائع مقرونا إلى إيمانهم وهو التوحيد. عن ابن عباس رضي الله عنهما : إن أول ما أتاهم به النبي صلى الله عليه وسلم التوحيد. فلما آمنوا بالله وحده أنزل الصلاة والزكاة ثم الحج ثم الجهاد فازدادوا إيمانا إلى إيمانهم. أو أنزل فيها الوقار والعظمة لله عز وجل ولرسوله ليزدادوا باعتقاد ذلك إيمانا إلى إيمانهم. وقيل أنزل فيها الرحمة ليتراحموا فيزداد إيمانهم (ولله جنود السماوات والأرض) يسلط بعضها على بعض كما يقتضيه علمه وحكمته، ومن قضيته أن سكن قلوب المؤمنين بصلح الحديبية ووعدهم أن يفتح لهم، وإنما قضى ذلك ليعرف المؤمنون نعمة الله فيه ويشكروها فيستحقوا الثواب فيثيبهم ويعذب الكافرين والمنافقين لما غاظهم من ذلك وكرهوه. وقع السوء: عبارة عن رداءة الشئ وفساده والصدق عن جودته وصلاحه، فقيل في المرضى الصالح من الأفعال فعل صدق، وفى المسخوط الفاسد منها فعل سوء، ومعنى (ظن السوء) ظنهم أن الله تعالى لا ينصر الرسول والمؤمنين ولا يرجعهم إلى مكة ظافرين فاتحيها عنوة وقهرا (عليهم دائرة السوء) أي ما يظنونه ويتربصونه بالمؤمنين فهو حائق بهم ودائر عليهم والسوء الهلاك والدمار. وقرئ دائرة السوء بالفتح أي الدائرة التي يذمونها ويسخطونها فهي عندهم دائرة سوء وعند المؤمنين دائرة صدق. فإن قلت: هل من فرق بين السوء والسوء؟ قلت: هما كالكره والكره والضعف والضعف من ساء إلا أن المفتوح غلب في أن يضاف إليه ما يراد ذمه من كل شئ. وأما السوء بالضم فجار مجرى الشر الذي هو نقيض الخير، يقال أراد به السوء وأراد به الخير ولذلك أضيف الظن إلى المفتوح لكونه مذموما، وكانت الدائرة محمودة فكان حقها أن لا تضاف إليه إلا على التأويل الذي ذكرناه. وأما دائرة السوء بالضم فلأن الذي أصابهم مكروه وشدة فصح أن يقع عليه اسم السوء كقوله عز وعلا - إن أراد بكم سوءا أو أراد بكم رحمة - (شاهدا) تشهد على أمتك كقوله تعالى - ويكون الرسول عليكم شهيدا - (ليؤمنوا) الضمير للناس (ويعزروه) ويقووه بالنصرة (ويوقروه) ويعظموه (ويسبحوه) من التسبيح أو من السبحة والضمائر لله عز وجل، والمراد بتعزير الله تعزير دينه ورسوله صلى الله عليه وسلم، ومن فرق الضمائر فقد أبعد. وقرئ لتؤمنوا وتعزروه وتوقروه وتسبحوه بالتاء والخطاب لرسول الله