الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل - الزمخشري - ج ٣ - الصفحة ٥٣٧
لهم وأملى لهم. ذلك بأنهم قالوا للذين كرهوا ما نزل الله سنطيعكم في بعض الأمر والله يعلم إسرارهم. فكيف إذا توفتهم الملائكة يضربون وجوههم وأدبارهم ذلك بأنهم اتبعوا ما أسخط الله وكرهوا رضوانه فأحبط أعمالهم. أم حسب الذين في قلوبهم مرض أن لن يخرج الله أضغانهم. ولو نشاء لأريناكهم فلعرفتهم بسيماهم ولتعرفنهم في لحن القول والله يعلم أعمالكم.
____________________
لهم) جملة من مبتدأ وخبر وقعت خبرا لأن كقولك إن زيدا عمرو ومر به، سول لهم سهل لهم ركوب العظائم من السول وهو الاسترخاء، وقد اشتقه من السؤل من لا علم له بالتصريف والاشتقاق جميعا (وأملى لهم) ومد لهم في الآمال والأماني. وقرئ وأملى لهم: يعنى أن الشيطان يغويهم وأنا أنظرهم كقوله تعالى - إنما نملى لهم - وقرئ وأملى لهم على البناء للمفعول: أي أمهلوا ومد في عمرهم، وقرئ سول لهم، ومعناه كيد الشيطان زين لهم على تقدير حذف المضاف. فإن قلت: من هؤلاء؟ قلت: اليهود كفروا بمحمد صلى الله عليه وسلم من بعد ما تبين لهم الهدى وهو نعته في التوراة، وقيل هم المنافقون. الذين قالوا: اليهود. والذين كرهوا ما نزل الله: المنافقون، وقيل عكسه وأنه قول المنافقين لقريظة والنضير - لئن أخرجتم لنخرجن معكم - وقيل بعض الأمر التكذيب برسول الله صلى الله عليه وسلم أو بلا إله إلا الله أو ترك القتال معه، وقيل هو قول أحد الفريقين للمشركين سنطيعكم في التظافر على عداوة رسول الله صلى الله عليه وسلم والقعود عن الجهاد معه، ومعنى (في بعض الأمر) في بعض ما تأمرون به، أو في بعض الأمر الذي يهمكم (والله يعلم أسرارهم) وقرئ إسرارهم على المصدر قالوا ذلك سرا فيما بينهم فأفشاه الله عليهم. فكيف يعملون وما حيلتهم حينئذ. وقرئ: توفاهم، ويحتمل أن يكون ماضيا ومضارعا قد حذفت إحدى تاءيه كقوله تعالى - إن الذين توفاهم الملائكة - وعن ابن عباس رضي الله عنهما: لا يتوفى أحد على معصية الله إلا يضرب من الملائكة في وجهه ودبره (ذلك) إشارة إلى التوفي الموصوف (ما أسخط الله) من كتمان نعت رسول الله صلى الله عليه وسلم: و (رضوانه) الإيمان برسول الله (أضغانهم) أحقادهم وإخراجها إبرازها لرسول الله صلى الله عليه وسلم وللمؤمنين وإظهارهم على نفاقهم وعداوتهم لهم وكانت صدورهم تغلى حنقا عليهم (لأريناكهم) لعرفناكهم ودللناك عليهم حتى تعرفهم بأعيانهم لا يخفون عليك (بسيماهم) بعلامتهم وهو أن يسمهم الله تعالى بعلامة يعلمون بها. وعن أنس رضي الله عنه " ما خفى على رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد هذه الآية شئ من المنافقين كان يعرفهم بسيماهم، ولقد كنا في بعض الغزوات وفيها تسعة من المنافقين يشكوهم الناس، فناموا ذات ليلة وأصبحوا وعلى جبهة كل واحد منهم مكتوب هذا منافق ". فإن قلت: أي فرق بين اللامين في فلعرفتهم ولتعرفنهم؟ قلت: الأولى هي الداخلة في جواب لو كالتي في لأريناكم كررت في المعطوف، وأما اللام في ولتعرفنهم فواقعة مع النون في جواب قسم محذوف (في لحن القول) في نحوه وأسلوبه. وعن ابن عباس:
(٥٣٧)
مفاتيح البحث: المرض (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 532 533 534 535 536 537 538 539 540 541 542 ... » »»