____________________
وتؤول بإنا مكناهم في مثل ما مكناكم فيه، والوجه هو الأول، ولقد جاء عليه غير آية في القرآن - هم أحسن أثاثا ورئيا - كانوا أكثر منهم وأشد قوة وآثارا - وهو أبلغ في التوبيخ وأدخل في الحث على الاعتبار (من شئ) أي من شئ من الإغناء وهو القليل منه. فإن قلت: بم انتصب (إذ كانوا يجحدون)؟ قلت: بقوله تعالى - فما أغنى -. فإن قلت: لم جرى مجرى التعليل؟ قلت: لاستواء مؤدى التعليل والظرف في قولك ضربته لإساءته وضربته إذ أساء، لأنك إذا ضربته في وقت إساءته فإنما ضربته فيه لوجود إساءته فيه، إلا أن إذ وحيث غلبتا دون سائر الظروف في ذلك (ما حولكم) يا أهل مكة (من القرى) نحو حجر ثمود وقرية سدوم وغيرهما، والمراد أهل القرى ولذلك قال (لعلهم يرجعون). القربان ما تقرب به إلى الله تعالى: أي اتخذوهم شفعاء متقربا بهم إلى الله حيث قالوا - هؤلاء شفعاؤنا عند الله - وأحد مفعولي اتخذ الراجع إلى الذين المحذوف، والثاني آلهة وقربانا حال ولا يصح أن يكون قربانا مفعولا ثانيا وآلهة بدلا منه لفساد المعنى، وقرئ قربانا بضم الراء والمعنى فهلا منعهم من الهلاك آلهتهم (بل ضلوا عنهم) أي غابوا عن نصرتهم (وذلك) إشارة إلى امتناع نصرة آلهتهم لهم وضلالهم عنهم: أي وذلك إثر إفكهم الذي هو اتخاذهم إياها آلهة وثمرة شركهم وافترائهم على الله الكذب من كونه ذا شركاء. وقرئ أفكهم والأفك والإفك كالحذر والحذر، وقرئ وذلك أفكهم: أي وذلك الاتخاذ الذي هذا أثره وثمرته صرفهم عن الحق، وقرئ أفكهم على التشديد للمبالغة وآفكهم جعلهم افكين وآفكهم: أي قولهم الآفك ذو الإفك كما تقول قول كاذب وذلك إفك مما كانوا يفترون: أي بعض ما كانوا يفترون من الإفك (صرفنا إليك نفرا) أملناهم إليك وأقبلنا بهم نحوك، وقرئ صرفنا بالتشديد لأنهم جماعة. والنفر دون العشرة ويجمع أنفارا، وفى حديث أبي ذر رضي الله عنه " لو كان ههنا أحد من أنفارنا " (فلما حضروه) الضمير للقرآن أي فلما كان بمسمع منهم أو لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وتعضده قراءة من قرأ فلما قضى: أي أتم قراءته وفرغ منها (قالوا) قال بعضهم لبعض (أنصتوا) اسكتوا مستمعين، يقال أنصت لكذا واستنصت له. روى أن الجن