الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل - الزمخشري - ج ٣ - الصفحة ٥٢٥
ولقد مكناهم فيما إن مكناكم فيه وجعلنا لهم سمعا وأبصارا وأفئدة فما أغنى
____________________
نفسه وعلى المؤمنين خطا إلى جنب عين تنبع. وعن ابن عباس رضي الله عنهما: اعتزل هود ومن معه في حظيرة ما يصيبهم من الريح إلا ما يلين على الجلود وتلذه الأنفس، وإنها لتمر من عاد بالظعن بين السماء والأرض وتدمغهم بالحجارة. وعن النبي صلى الله عليه وسلم " أنه كان إذا رأى الريح فزع وقال: اللهم إني أسألك خيرها وخير ما أرسلت به، وأعوذ بك من شرها وشر ما أرسلت به، وإذا رأى مخيلة قام وقعد وجاء وذهب وتغير لونه فيقال:
له: يا رسول الله ما تخاف؟ فيقول: إني أخاف أن يكون مثل قوم عاد حيث قالوا هذا عارض ممطرنا " فإن قلت:
ما فائدة إضافة الرب إلى الريح؟ قلت: الدلالة على أن الريح وتصريف أعنتها مما يشهد لعظم قدرته لأنها من أعاجيب خلقه وأكابر جنوده، وذكر الأمر وكونها مأمورة من جهته عز وجل يعضد ذلك ويقويه (إن) نافية:
أي فيما ما مكناكم فيه، إلا أن أحسن في اللفظ لما في مجامعة ما مثلها من التكرير المستبشع ومثله مجتنب: ألا ترى أن الأصل في مهما ما ما فلبشاعة التكرير قلبوا الألف هاء ولقد أغث أبو الطيب في قوله:
* لعمرك ما مابان منك لضارب * وما ضره لو اقتدى بعذوبة لفظ التنزيل فقال: لعمرك ما إن بان منك لضارب، وقد جعلت إن صلة مثلها فيما أنشده الأخفش:
يرجى المرء ما إن لا يراه * وتعرض دون أذناه الخطوب
(٥٢٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 520 521 522 523 524 525 526 527 528 529 530 ... » »»