الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل - الزمخشري - ج ٣ - الصفحة ٥١٥
حم. تنزيل الكتاب من الله العزيز الحكيم. ما خلقنا السماوات والأرض وما بينهما إلا بالحق وأجل مسمى والذين كفروا عما أنذروا معرضون. قل أرأيتم ما تدعون من دون الله أروني ماذا خلقوا من الأرض أم لهم شرك في السماوات ائتوني بكتاب من قبل هذا أو أثارة من علم إن كنتم صادقين. ومن أضل ممن يدعوا من دون الله من لا يستجيب له إلى يوم القيامة وهم عن دعائهم غافلون. وإذا حشر الناس كانوا لهم أعداء وكانوا بعبادتهم كافرين.
____________________
(إلا بالحق) إلا خلقا ملتبسا بالحكمة والغرض الصحيح (و) بتقدير (أجل مسمى) ينتهى إليه وهو يوم القيامة (والذين كفروا عما أنذروا) من هول ذلك اليوم الذي لا بد لكل خلق من انتهائه إليه (معرضون) لا يؤمنون به ولا يهتمون بالاستعداد له، ويجوز أن تكون ما مصدرية: أي عن إنذارهم ذلك اليوم (بكتاب من قبل هذا) أي من قبل هذا الكتاب وهو القرآن: يعنى أن هذا الكتاب ناطق بالتوحيد وإبطال الشرك، وما من كتاب أنزل من قبله من كتب الله إلا وهو ناطق بمثل ذلك، فأتوا بكتاب واحد منزل من قبله شاهد بصحة ما أنتم عليه من عبادة غير الله (أو أثارة من علم) أو بقية من علم بقيت عليكم من علوم الأولين من قولهم سمنت الناقة على أثارة من شحم:
أي على بقية شحم كانت بها من شحم ذاهب. وقرئ أثرة: أي من شئ أوثر تم به وخصصتم من علم لا إحاطة به لغيركم، وقرئ أثرة بالحركات الثلاث في الهمزة مع سكون الثاء فالإثرة بالكسر بمعنى الأثرة، وأما الأثرة فالمرة من مصدر أثر الحديث إذا رواه، وأما الأثرة بالضم فاسم ما يؤثر كالخطبة اسم ما يخطب به (ومن أضل) معنى الاستفهام فيه إنكار أن يكون في الضلال كلهم أبلغ ضلالا من عبدة الأصنام حيث يتركون دعاء السميع المجيب القادر على تحصيل كل بغية ومرام، ويدعون من دونه جمادا لا يستجيب لهم ولا قدرة به على استجابة أحد منهم ما دامت الدنيا وإلى أن تقوم القيامة. وإذا قامت القيامة وحشر الناس كانوا لهم أعداء وكانوا عليهم ضدا، فليسوا
(٥١٥)
مفاتيح البحث: يوم القيامة (1)، العزّة (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 510 511 512 513 514 515 516 517 518 519 520 ... » »»