الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل - الزمخشري - ج ٣ - الصفحة ٥٢٢
أن أخرج وقد خلت القرون من قبلي وهما يستغيثان الله ويدلك آمن إن وعد الله حق فيقول ما هذا إلا أساطير الأولين. أولئك الذين حق عليهم القول في أمم قد خلت من قبلهم من الجن والإنس إنهم. كانوا خاسرين. ولكل درجات مما عملوا.
____________________
عمرو وعثمان بن عمرو وهما من أجداده حتى أسألهما عما يقول محمد، ويشهد لبطلانه أن المراد بالذي قال جنس القائلين ذلك وأن قوله - الذين حق عليهم القول - هم أصحاب النار وعبد الرحمن كان من أفاضل المسلمين وسرواتهم وعن عائشة رضي الله عنها إنكار نزولها فيه. وحين كتب معاوية إلى مروان بأن يبايع الناس ليزيد قال عبد الرحمن:
لقد جئتم بها هرقلية أتبايعون لأبنائكم؟ فقال مروان: يا أيها الناس هو الذي قال الله فيه - والذي قال لوالديه أف لكما - فسمعت عائشة فغضبت وقالت: والله ما هو به، ولو شئت أن أسميه لمسيته، ولكن الله لعن أباك وأنت في صلبه فأنت فضض من لعنة الله. وقرئ أف بالكسر والفتح بغير تنوين وبالحركات الثلاث مع التنوين، وهو صوت إذا صوت به الإنسان علم أنه متضجر، كما إذا قال حس علم منه أنه متوجع، واللام للبيان. معناه: هذا التأفيف لكما خاصة ولأجلكما دون غيركما. وقرئ أتعدانني بنونين وأتعداني بأحدهما وأتعداني بالإدغام. وقد قرأ بعضهم أتعدانني بفتح النون كأنه استثقل اجتماع النونين والكسرتين والياء ففتح الأولى تحريا للتخفيف كما تحراه من أدغم ومن اطرح أحدهما (أن أخرج) أن أبعث وأخرج من الأرض، وقرئ أخرج (وقد خلت القرون من قبلي) يعنى ولم يبعث منهم أحد (يستغيثان الله) يقولان الغياث بالله منك ومن قولك، وهو استعظام لقوله (ويلك) دعاء عليه بالثبور، والمراد به الحث والتحريض على الإيمان لا حقيقة الهلاك (في أمم) نحو قوله في أصحاب الجنة، وقرئ أن بالفتح على معنى آمن بأن وعد الله حق (ولكل) من الجنسين المذكورين (درجات مما عملوا) أي منازل ومراتب من جزاء ما عملوا من الخير والشر، أو من أجل ما عملوا منها. فإن قلت: كيف قيل درجات وقد جاء: الجنة درجات والنار دركات؟ قلت: يجوز أن يقال ذلك على وجه التغليب لاشتمال كل على الفريقين
(٥٢٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 517 518 519 520 521 522 523 524 525 526 527 ... » »»