الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل - الزمخشري - ج ٣ - الصفحة ٤٢٢
كانوا هم أشد منهم قوة وآثارا في الأرض فأخذهم الله بذنوبهم وما كان لهم من الله من واق. ذلك بأنهم كانت تأتيهم رسلهم بالبينات فكفروا فأخذهم الله إنه قوى شديد العقاب. ولقد أرسلنا موسى بآياتنا وسلطان مبين. إلى فرعون وهامان وقارون فقالوا ساحر كذاب. فلما جاءهم بالحق من عندنا قالوا اقتلوا أبناء الذين آمنوا معه واستحيوا نساءهم وما كيد الكافرين إلا في ضلال. وقال فرعون ذروني أقتل موسى
____________________
يدعون من دون الله وأنها لا تسمع ولا تبصر. وقرئ يدعون بالتاء والياء. هم في (كانوا هم أشد منهم) فصل فإن قلت: من حق الفصل أن لا يقع إلا بين معرفتين فما باله واقعا بين معرفة وغير معرفة وهو أشد منهم. قلت:
قد ضارع المعرفة في أنه لا تدخله الألف واللام فأجرى مجراها. وقرئ منكم وهى في مصاحف أهل الشأم (وآثارا) يريد حصونهم وقصورهم وعددهم وما يوصف بالشدة من آثارهم، أو أرادوا أكثر آثارا كقوله:
* متقلدا سيفا ورمحا * (وسلطان مبين) وحجة ظاهرة وهى المعجزات فقالوا: هو ساحر كذاب، فسموا السلطان المبين سحرا وكذبا (فلما جاءهم بالحق) بالنبوة. فإن قلت: أما كان قتل الأبناء واستحياء النساء من قبل خيفة أن يولد المولود الذي أنذرته الكهنة بظهوره وزوال ملكه على يده. قلت: قد كان ذلك القتل حينئذ وهذا قتل آخر. وعن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: قالوا اقتلوا: أعيدوا عليهم القتل كالذي كان أولا، يريد أن هذا قتل غير القتل الأول (في ضلال) في ضياع وذهاب باطلا لم يجد عليهم: يعنى أنهم باشروا قتلهم أولا فما أغنى عنهم ونفذ قضاء الله بإظهار من خافوه فما يغنى عنهم هذا القتل الثاني، وكان فرعون قد كف عن قتل الولدان، فلما بعث موسى وأحس بأنه قد وقع، أعاده عليهم غيظا وحنقا وظنا منه أنه يصدهم بذلك عن مظاهرة موسى وما علم أن كيده ضائع في الكرتين جميعا (ذروني أقتل موسى) كانوا إذا هم بقتله كفوه بقولهم ليس بالذي
(٤٢٢)
مفاتيح البحث: الضلال (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 417 418 419 420 421 422 423 424 425 426 427 ... » »»