____________________
الجامعون بين الإيمان والعمل الصالح، لأن خوف العاقبة يحملهم على تحمل المشاق، فإن قلت: كيف أسند تزيين أعمالهم إلى ذاته وقد أسنده إلى الشيطان في قوله - وزين لهم الشيطان أعمالهم -؟ قلت: بين الإسنادين فرق، وذلك أن إسناده إلى الشيطان حقيقة، وإسناده إلى الله عز وجل مجاز. وله طريقان في علم البيان: أحدهما أن يكون من المجاز الذي يسمى الاستعارة. والثاني أن يكون من المجاز الحكمي. فالطريق الأول أنه لما متعهم بطول العمر وسعة الرزق وجعلوا إنعام الله بذلك عليهم وإحسانه إليهم ذريعة إلى اتباع شهواتهم وبطرهم وإيثارهم الروح والترفه ونفارهم عما يلزمهم فيه التكاليف الصعبة والمشاق المتعبة فكأنه زين لهم بذلك أعمالهم، وإليه أشارت الملائكة صلوات الله عليهم في قولهم - ولكن متعتهم وآباءهم حتى نسوا الذكر -. والطريق الثاني أن إمهاله الشيطان وتخليته حتى يزين لهم ملابسة ظاهرة للتزيين فأسند إليه لأن المجاز الحكمي يصححه بعض الملابسات. وقيل هي أعمال الخير التي وجب عليهم أن يعملوها زينها لهم الله فعمهوا عنها وضلوا، ويعزى إلى حسن. والعمه: التحير والتردد كما يكون حال الضال عن الطريق. وعن بعض الأعراب: أنه دخل السوق وما أبصرها قط فقال: رأيت الناس عمهين، أراد مترددين في أعمالهم وأشغالهم سوء العذاب) القتل والأسر يوم بدر. (الأخسرون) أشد الناس خسرانا لأنهم