____________________
منهم. وقرئ فظلت أعناقهم لها خاضعة. وعن ابن عباس رضي الله عنهما: نزلت هذه الآية فينا وفى بنى أمية، قال: ستكون لنا عليهم الدولة فتذل لنا أعناقهم بعد صعوبة، ويلحقهم هو ان بعد عزة: أي وما يجدد لهم الله بوحيه موعظة وتذكيرا إلا جددوا إعراضا عنه وكفرا به. فإن قلت: كيف خولف بين الألفاظ والغرض واحد وهى الإعراض والتكذيب والاستهزاء؟ قلت: إنما خولف بينها لاختلاف الأغراض كأنه قيل: حين أعرضوا عن الذكر فقد كذبوا به، وحين كذبوا به فقد خف عندهم قدره وصار عرضة للاستهزاء والسخرية، لأن من كان قابلا للحق مقبلا عليه كان مصدقا به لا محالة ولم يظن به التكذيب، ومن كان مصدقا به كان موقرا له (فسيأتيهم) وعيد لهم وإنذار بأنهم سيعلمون إذا مسهم عذاب الله يوم بدر أو يوم القيامة (ما) الشئ الذي كانوا يستهزئون به وهو القرآن وسيأتيهم أنباؤه وأحواله التي كانت خافية عليهم. وصف الزوج وهو الصنف من النبات بالكرم، والكريم صفة لكل ما يرضى ويحمد في بابه، يقال وجه كريم: إذا رضى في حسنه وجماله، وكتاب كريم مرضى في معانيه وفوائده، وقال * حتى يشق الصفوف من كرمه * أي من كونه مرضيا في شجاعته وبأسه والنبات الكريم المرضى فيما يتعلق به المنافع (إن في) إنبات تلك الأصناف (لآية) على أن منبتها قادر على إحياء الموتى، وقد علم الله أن أكثرهم مطبوع على قلوبهم غير مرجو إيمانهم (وإن ربك لهو العزيز) في انتقامه من الكفرة (الرحيم) لمن تاب وآمن وعمل صالحا. فإن قلت: ما معنى الجمع بين كم وكل ولو قيل كم أنبتنا فيها من زوج كريم؟ قلت: قد دل كل على الإحاطة بأزواج النبات على سبيل التفصيل، وكم على أن هذا المحيط متكاثر مفرط الكثرة، فهذا معنى الجمع بينهما وبه نبه على كمال قدرته. فإن قلت: فما معنى وصف الزوج بالكريم؟ قلت: يحتمل معنيين: أحدهما أن النبات على نوعين نافع وضار، فذكر كثرة ما أنبت، في الأرض من جميع أصناف النبات النافع وخلى ذكر الضار. والثاني أن يعم جميع النبات نافعه وضاره ويصفها جميعا بالكرم، وينبه على أنه ما أنبت شيئا إلا وفيه فائدة لأن الحكيم لا يفعل فعلا إلا لغرض صحيح ولحكمة بالغة وإن غفل عنها الغافلون ولم يتوصل إلى معرفتها العاقلون. فإن قلت: فحين ذكر الأزواج ودل عليها بكلمتي الكثرة والإحاطة وكانت بحيث لا يحصيها إلا عالم الغيب كيف قال - إن في ذلك لآية - وهلا قال آيات. قلت: فيه وجهان: أن يكون ذلك مشارا به إلى مصدر أنبتنا فكأنه قال: