الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل - الزمخشري - ج ٣ - الصفحة ١٠١
يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهانا. إلا من تاب وآمن وعمل عملا صالحا فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفورا رحيما. ومن تاب وعمل صالحا فإنه يتوب إلى الله متابا. والذين لا يشهدون الزور وإذا مروا باللغو مروا كراما.
____________________
ندا وهو خلقك، قلت: ثم أي؟ قال: أن تقتل ولدك خشية أن يأكل معك، قلت: ثم أي؟ قال: أن تزاني حليلة جارك، فأنزل الله تصديقه ". وقرئ يلق فيه أثاما. وقرئ يلقى بإثبات الألف وقد مر مثله، والأثام جزاء الإثم بوزن الوبال والنكال ومعناهما، قال:
جزى الله ابن عروة حيث أمسى * عقوقا والعقوق له أثاما وقيل هو الإثم ومعناها يلق جزاء أثام. وقرأ ابن مسعود رضي الله عنه أياما: أي شدائد يقال يوم ذو أيام لليوم العصيب (يضاعف) بدل من يلق لأنهما في معنى واحد كقوله:
متى تأتنا تلمم بنا في ديارنا * تجد حطبا جزلا ونارا تأججا وقرئ يضعف ونضعف له العذاب بالنون ونصب العذاب، وقرئ بالرفع على الاستئناف أو على الحال وكذلك يخلد، وقرئ ويخلد على البناء للمفعول مخففا ومثقلا من الإخلاد والتخليد، وقرئ وتخلد بالتاء على الالتفات (يبدل) مخفف ومثقل وكذلك سيئاتهم. فإن قلت: ما معنى مضاعفة العذاب وإبدال السيئات حسنات؟ قلت:
إذا ارتكب المشرك معاصي مع الشرك عذب على الشرك وعلى المعاصي جميعا فتضاعف العقوبة لمضاعفة المعاقب عليه وإبدال السيئات حسنات أنه يمحوها بالتوبة ويثبت مكانها الحسنات الإيمان والطاعة والتقوى. وقيل يبدلهم بالشرك إيمانا وبقتل المسلمين قتل المشركين وبالزنا عفة وإحصانا. يريد ومن يترك المعاصي ويندم عليها ويدخل في العمل المصالح فإنه بذلك تائب إلى الله (متابا) مرضيا عنده مكفرا للخطايا محصلا للثواب، أو فإنه تائب متابا إلى الله الذي يعرف حق التائبين ويفعل بهم ما يستوجبون والذي يحب التوابين ويحب المتطهرين. وفى كلام بعض العرب:
لله أفرح بتوبة العبد من المضل الواجد والظمآن الوارد والعقيم الوالد. أو فإنه يرجع إلى الله وإلى ثوابه مرجعا حسنا وأي مرجع. يحتمل أنهم ينفرون عن محاضر الكذابين ومجالس الخطائين فلا يحضرونها ولا يقربونها تنزها عن مخالطة الشر وأهله وصيانة لدينهم عما يثلمه لأن مشاهدة الباطل شركة فيه، ولذلك قيل في النظارة إلى كل ما لم تسوغه الشريعة هم شركاء فاعليه في الاثم لأن حضورهم ونظرهم دليل الرضا به وسبب وجوده والزيادة فيه لأن الذي سلط على فعله هو استحسان النظارة ورغبتهم في النظر إليه. وفى مواعظ عيسى بن مريم عليه السلام: إياكم ومجالسة الخطائين. ويحتمل أنهم لا يشهدون شهادة الزور فحذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه. وعن قتادة:
مجالس الباطل. وعن ابن الحنفية: اللهو والغناء. وعن مجاهد: أعياد المشركين. اللغو: ما ينبغي أن يلغى ويطرح والمعنى: وإذا مروا بأهل اللغو والمشتغلين به مروا معرضين عنهم مكرمين أنفسهم عن التوقف عليهم والخوض معهم كقوله تعالى - وإذا سمعوا اللغو أعرضوا عنه وقالوا لنا أعمالنا ولكم أعمالكم سلام عليكم لا نبتغي الجاهلين - وعن الحسن رضي الله عنه: لم تسفههم المعاصي. وقيل إذا سمعوا من الكفار الشم، والأذى أعرضوا
(١٠١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 96 97 98 99 100 101 102 103 104 105 106 ... » »»