____________________
أو الذاهبين عن الصواب أو الناسين من قوله - أن تضل إحداهما فتذكر إحداهما الأخرى - وكذب فرعون ودفع الوصف بالكفر عن نفسه وبرأ ساحته بأن وضع الضالين موضع الكافرين ربأ بمحل من رشح للنبوة عن تلك الصفة. ثم كر عليه امتنانه عليه بالتربية فأبطله من أصله واستأصله من سنخه وأبى أن يسمى نعمته إلا نقمة حيث بين أن حقيقة إنعامه عليه تعبيد بني إسرائيل لأن تعبيدهم وقصدهم بذبح أبنائهم هو السبب في حصوله عنده وتربيته فكأنه أمتن عليه بتعبيد قومه إذا حققت، وتعبيدهم تذليلهم واتخاذهم عبيدا، يقال عبدت الرجل وأعبدته: إذا اتخذته عبدا، قال:
علام يعبدني قومي وقد كثرت * فيهم أباعر ما شاءوا وعبدان فإن قلت: إذا جواب وجزاء معا والكلام وقع جوابا لفرعون فكيف وقع جزاء؟ قلت: قول فرعون وفعلت فعلتك فيه معنى أنك جازيت نعمتي بما فعلت، فقال له موسى: نعم فعلتها مجازيا لك تسليما لقوله لأن نعمته كانت عنده جديرة بأن تجازى بنحو ذلك الجزاء. فإن قلت: لم جمع الضمير في منكم وخفتكم مع إفراده في تمنها وعبدت قلت: الخوف والفرار لم يكونا منه وحده ولكن منه ومن ملئه المؤتمرين بقتله بدليل قوله - إن الملأ يأتمرون بك ليقتلوك - وأما الامتنان فمنه وحده وكذلك التعبيد. فإن قلت: تلك إشارة إلى ماذا، وأن عبدت ما محلها من الإعراب؟ قلت: تلك إشارة إلى خصلة شنعاء مبهمة لا يدرى ما هي إلا بتفسيرها، ومحل أن عبدت الرفع عطف بيان لتلك ونظيره قوله تعالى - وقضينا إليه ذلك الأمر أن دابر هؤلاء مقطوع - والمعنى: تعبيدك بني إسرائيل نعمة تمنها على. وقال الزجاج: ويجوز أن يكون أن في موضع نصب، المعنى: إنما صارت نعمة على لأن عبدت بني إسرائيل : أي لو لم تفعل ذلك لكفلني أهلي ولم يلقوني في اليم. لما قال له بوابه إن ههنا من يزعم أنه رسول رب العالمين قال له عند دخوله (وما رب العالمين؟) يريد أي شئ رب العالمين؟ وهذا السؤال لا يخلو إما أن يريد به أي شئ هو من الأشياء التي شوهدت وعرفت أجناسها، فأجاب بما يستدل به عليه من أفعاله الخاصة ليعرفه أنه ليس بشئ مما شوهد وعرف من الأجرام والأعراض وأنه شئ مخالف لجميع الأشياء ليس كمثله شئ، وإما أن يريد به أي شئ هو على الإطلاق تفتيشا عن حقيقته الخاصة ما هي؟ فأجابه بأن الذي إليه سبيل وهو الكافي في معرفته معرفة ثباته بصفاته استدلالا بأفعاله الخاصة على ذلك. وأما التفتيش عن حقيقته الخاصة التي هي فوق فطر العقول فتفتيش عما لا سبيل إليه، والسائل عنه متعنت غير طالب للحق، والذي يليق بحال فرعون ويدل عليه الكلام أن يكون سؤاله هذا إنكارا لأن يكون للعالمين ربب سواه لادعائه الإلهية، فلما أجاب موسى بما أجاب عجب قومه من جوابه حيث نسب الربوبية إلى غيره، فلما ثنى بتقرير قوله جننه إلى قومه وطنز به حيث سماه رسولهم، فلما ثلث بتقرير آخر احتد واحتدم وقال: لئن اتخذت إلها غيري، وهذا يدل على صحة هذا الوجه الأخير. فإن قلت: كيف قيل (وما بينهما) على التثنية والمرجوع إليه مجموع؟ قلت: أريد وما بين الجنسين فعل بالمضمر ما فعل بالظاهر من قال في الهيجا جمالين. فإن قلت: ما معنى قوله (إن كنتم موقنين) وأين عن فرعون وملئه
علام يعبدني قومي وقد كثرت * فيهم أباعر ما شاءوا وعبدان فإن قلت: إذا جواب وجزاء معا والكلام وقع جوابا لفرعون فكيف وقع جزاء؟ قلت: قول فرعون وفعلت فعلتك فيه معنى أنك جازيت نعمتي بما فعلت، فقال له موسى: نعم فعلتها مجازيا لك تسليما لقوله لأن نعمته كانت عنده جديرة بأن تجازى بنحو ذلك الجزاء. فإن قلت: لم جمع الضمير في منكم وخفتكم مع إفراده في تمنها وعبدت قلت: الخوف والفرار لم يكونا منه وحده ولكن منه ومن ملئه المؤتمرين بقتله بدليل قوله - إن الملأ يأتمرون بك ليقتلوك - وأما الامتنان فمنه وحده وكذلك التعبيد. فإن قلت: تلك إشارة إلى ماذا، وأن عبدت ما محلها من الإعراب؟ قلت: تلك إشارة إلى خصلة شنعاء مبهمة لا يدرى ما هي إلا بتفسيرها، ومحل أن عبدت الرفع عطف بيان لتلك ونظيره قوله تعالى - وقضينا إليه ذلك الأمر أن دابر هؤلاء مقطوع - والمعنى: تعبيدك بني إسرائيل نعمة تمنها على. وقال الزجاج: ويجوز أن يكون أن في موضع نصب، المعنى: إنما صارت نعمة على لأن عبدت بني إسرائيل : أي لو لم تفعل ذلك لكفلني أهلي ولم يلقوني في اليم. لما قال له بوابه إن ههنا من يزعم أنه رسول رب العالمين قال له عند دخوله (وما رب العالمين؟) يريد أي شئ رب العالمين؟ وهذا السؤال لا يخلو إما أن يريد به أي شئ هو من الأشياء التي شوهدت وعرفت أجناسها، فأجاب بما يستدل به عليه من أفعاله الخاصة ليعرفه أنه ليس بشئ مما شوهد وعرف من الأجرام والأعراض وأنه شئ مخالف لجميع الأشياء ليس كمثله شئ، وإما أن يريد به أي شئ هو على الإطلاق تفتيشا عن حقيقته الخاصة ما هي؟ فأجابه بأن الذي إليه سبيل وهو الكافي في معرفته معرفة ثباته بصفاته استدلالا بأفعاله الخاصة على ذلك. وأما التفتيش عن حقيقته الخاصة التي هي فوق فطر العقول فتفتيش عما لا سبيل إليه، والسائل عنه متعنت غير طالب للحق، والذي يليق بحال فرعون ويدل عليه الكلام أن يكون سؤاله هذا إنكارا لأن يكون للعالمين ربب سواه لادعائه الإلهية، فلما أجاب موسى بما أجاب عجب قومه من جوابه حيث نسب الربوبية إلى غيره، فلما ثنى بتقرير قوله جننه إلى قومه وطنز به حيث سماه رسولهم، فلما ثلث بتقرير آخر احتد واحتدم وقال: لئن اتخذت إلها غيري، وهذا يدل على صحة هذا الوجه الأخير. فإن قلت: كيف قيل (وما بينهما) على التثنية والمرجوع إليه مجموع؟ قلت: أريد وما بين الجنسين فعل بالمضمر ما فعل بالظاهر من قال في الهيجا جمالين. فإن قلت: ما معنى قوله (إن كنتم موقنين) وأين عن فرعون وملئه