الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل - الزمخشري - ج ٢ - الصفحة ٦٤
قل انتظروا إنا منتظرون. إن الذين فرقوا دينهم. كانوا شيعا لست منهم في شئ إنما أمرهم إلى الله ثم ينبئهم بما كانوا يفعلون. من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها ومن جاء بالسيئة فلا يجزى إلا مثلها وهم لا يظلمون. قل إنني هداني ربي إلى صراط مستقيم دينا قيما ملة إبراهيم حنيفا وما كان من المشركين. قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين. لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين. قل أغير الله أبغي ربا وهو رب كل شئ ولا تكسب كل نفس
____________________
النفس التي آمنت في وقته ولم تكسب خيرا ليعلم أن قوله - الذين آمنوا وعملوا الصالحات - جمع بين قرينتين لا ينبغي أن تنفك إحداهما عن الأخرى حتى يفوز صاحبهما ويسعد، وإلا فالشقوة والهلاك (قل انتظروا إنا منتظرون) وعيد. وقرئ أن يأتيهم الملائكة بالياء. وقرأ ابن سيرين لا تنفع بالتاء لكون الإيمان مضافا إلى ضمير المؤنث الذي هو بعضه كقولك: ذهبت بعض أصابعه (فرقوا دينهم) اختلفوا فيه كما اختلف اليهود والنصارى وفي الحديث " افترقت اليهود على إحدى وسبعين فرقة كلها في الهاوية إلا واحدة وهي الناجية، وافترقت النصارى اثنتين وسبعين فرقة كلها في الهاوية إلا واحدة، وتفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة كلها في الهاوية إلا واحدة " وقيل فرقوا دينهم فآمنوا ببعض وكفروا ببعض. وقرئ فارقوا دينهم: أي تركوه (وكانوا شيعا) فرقا كل فرقة تشيع إماما لها (لست منهم في شئ) أي من السؤال عنهم وعن تفرقهم، وقيل من عقابهم، وقيل هي منسوخة بآية السيف (عشر أمثالها) على إقامة صفة الجنس المميز مقام الموصوف تقديره: عشر حسنات أمثالها، وقرئ عشر أمثالهما برفعهما جميعا على الوصف، وهذا أقل ما وعد من الأضعاف، وقد وعد بالواحد سبعمائة ووعد ثوابا بغير حساب ومضاعفة الحسنات فضل ومكافأة السيئات عدل (وهم لا يظلمون) لا ينقص من ثوابهم ولا يزاد على عقابهم (دينا) نصب على البدل من محل إلى صراط لأن معناه هداني صراطا بدليل قوله - ويهديكم صراطا مستقيما - والقيم فيعل من قام كسيد من ساد وهو أبلغ من القائم، وقرئ قيما والقيم مصدر بمعنى القيام وصف به و (ملة إبراهيم) عطف بيان (حنيفا) حال من إبراهيم (قل إن صلاتي ونسكي) وعبادتي وتقربي كله، وقيل وذبحي وجمع بين الصلاة والذبح كما في قوله - فصل لربك وانحر - وقيل صلاتي وحجي من مناسك الحج (ومحياي ومماتي) وما آتيه في حياتي وما أموت عليه من الإيمان والعمل الصالح (لله رب العالمين) خالصة لوجهه (وبذلك) من الاخلاص (أمرت وأنا أول المسلمين) لأن اسلام كل بني متقدم لإسلام أمته (قل أغير الله أبغي ربا) جواب عن دعائهم له إلى عبادة آلهتهم والهمزة للإنكار: أي منكر أن أبغي ربا غيره (وهو رب كل شئ) فكل من دونه مربوب ليس في الوجود من له الربوبية غيره كما قال - قل أفغير الله تأمروني أعبد - (ولا تكسب كل نفس
(٦٤)
مفاتيح البحث: الشراكة، المشاركة (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 59 60 61 62 63 64 65 66 67 68 69 ... » »»