الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل - الزمخشري - ج ٢ - الصفحة ٥٤
ليردوهم وليلبسوا عليهم دينهم ولو شاء الله ما فعلوه فذرهم وما يفترون. وقالوا هذه أنعام وحرث حجر
____________________
كما حلف عبد المطلب. وقرئ زين على النباء للفاعل الذي هو شركاؤهم، ونصب قتل أولادهم وزين على البناء للمفعول الذي هو القتل، ورفع شركاؤهم بإضمار فعل دل عليه زين كأنه قيل لما قيل زين لهم قتل أولادهم من زينه فقيل زينه لهم شركاؤهم، وأما قراءة ابن عامر قتل أولادهم شركائهم برفع القتل ونصب الأولاد وجر الشركاء على إضافة القتل إلى الشركاء والفصل بينهما بغير الظرف فشئ لو كان في مكان الضرورات وهو الشعر لكان سمجا مردودا كما سمج ورد * زج القلوص أبى مزاده * فكيف به في الكلام المنثور، فكيف به في القرآن المعجز بحسن نظمه وجزالته، والذي حمله على ذلك أن رأى في بعض المصاحف شركائهم مكتوبا بالياء، ولو قرئ بجر الأولاد والشركاء لكان الأولاد شركاؤهم في أموالهم لوجد في ذلك مندوحة عن هذا الارتكاب (ليردوهم) ليهلكوهم بالإغواء (وليلبسوا عليهم دينهم) وليخلطوه عليهم ويشبهوه ودينهم ما كانوا عليه من دين إسماعيل عليه السلام حتى زلوا عنه إلى الشرك، وقيل دينهم الذي وجب أن يكونوا عليه، وقيل معناه: وليوقعوهم في دين ملتبس. فإن قلت: ما معنى اللام؟ قلت: إن كان التزيين من الشياطين فهي على حقيقة التعليل، وإن كان من السدنة فعلى معنى الصيرورة (ولو شاء الله) مشيئة قسر (ما فعلوه) لما فعل المشركون ما زين لهم من القتل أو لما فعل الشياطين أو السدنة التزيين أو الإرداء أو اللبس أو جميع ذلك إن جعلت الضمير جاريا مجرى اسم الإشارة (وما يفترون) وما يفترونه من الإفك أو وافتراءهم (حجر) فعل بمعنى مفعول كالذبح والطحن، ويستوي في الوصف
(٥٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59 ... » »»