____________________
إيجاب اتباع الوحي لا محل له من الإعراب، ويجوز أن يكون حالا من ربك وهي حال مؤكدة كقوله: وهو الحق مصدقا (ولا تسبوا) الآلهة (الذين يدعون من دون الله فيسبوا الله) وذلك أنهم قالوا عند نزول قوله تعالى - إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم - لتنتهين عن سب آلهتنا أو لنهجون إلهك. وقيل كان المسلمون يسبون آلهتهم فنهوا لئلا يكون سبهم سببا لسب الله تعالى. فإن قلت: سب الآلهة حق وطاعة فكيف صح النهي عنه وإنما يصح النهي عن المعاصي؟ قلت: رب طاعة علم أنها تكون مفسدة فتخرج عن أن تكون طاعة فيجب النهي عنها لأنها معصية لا لأنها طاعة، كالنهي عن المنكر هو من أجل الطاعات، فإذا علم أنه يؤدي إلى زيادة الشر انقلب معصية ووجب النهي عن ذلك النهي كما يجب النهي عن المنكر. فإن قلت: فقد روى عن الحسن وابن سيرين أنهما حضرا جنازة فرأى محمد نساء فرجع فقال الحسن: لو تركنا الطاعة لأجل المعصية لأسرع ذلك في ديننا. قلت: ليس هذا مما نحن بصدده، لأن حضور الرجال الجنازة طاعة وليس بسبب لحضور النساء فإنهن يحضرنها حضر الرجال أو لم يحضروا بخلاف سب الآهلة، وإنما خيل إلى محمد أنه مثله حتى نبه عليه الحسن (عدوا) ظلما وعدوانا. وقرئ عدوا بضم العين وتشديد الواو بمعناه، يقال عدا فلان عدوا وعدوا وعدوانا وعداء، وعن ابن كثير عدوا بفتح العين بمعنى أعداء (بغير علم) على الجهالة بالله وبما يجب أن يذكر به (كذلك زينا لكل أمة) مثل ذلك التزيين زينا لكل أمة من أمم الكفار سوء عملهم: أي خليناهم وشأنهم ولم نكفهم حتى حسن عندهم سوء عملهم، وأمهلنا الشيطان حتى زين لهم أو زيناه في زعمهم وقولهم إن الله أمرنا بهذا وزينه لنا (فينبئهم) فيوبخهم عليه ويعاتبهم ويعاقبهم (لئن جاءتهم آية) من مقترحاتهم (ليؤمنن بها قل إنما الآيات عند الله) وهو قادر عليها ولكنه لا ينزلها إلا على موجب الحكمة، أو إنما الآيات عند الله لا عندي، فكيف أجيبكم إليها وآتيكم بها (وما يشعركم) وما يدريكم (أنها) أن الآية التي تقترحونها (إذا جاءت لا يؤمنون) بها: يعني أنا أعلم أنها إذا جاءت