الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل - الزمخشري - ج ٢ - الصفحة ٥٠
وبلغنا أجلنا الذي أجلت لنا قال النار مثواكم خالدين فيها إلا ما شاء الله إن ربك حكيم عليم. وكذلك نولي بعض الظالمين بعضا بما كانوا يكسبون. يا معشر الجن والإنس ألم يأتكم رسل منكم
____________________
من الانس يعوذون برجال من الجن - وأن الرجل كان إذا نزل واديا وخاف قال: أعوذ برب هذا الوادي: يعني به كبير الجن واستمتاع الجن بالانس اعتراف الانس لهم بأنهم يقدرون على الدفع عنهم وإجارتهم لهم (وبلغنا أجلنا الذي أجلت لنا) يعنون يوم البعث، وهذا الكلام اعتراف بما كان منهم من طاعة الشياطين واتباع الهوى والتكذيب بالبعث واستسلام لربهم وتحسر على حالهم (خالدين فيها إلا ما شاء الله) أي يخلدون في عذاب النار الأبد كله إلا ما شاء الله، إلا الأوقات التي ينقلون فيها من عذاب النار إلى عذاب الزمهرير، فقد روى أنهم يدخلون واديا فيه من الزمهرير ويميز بعض أوصالهم من بعض فيتعاونون ويطلبون الرد إلى الجحيم، أو يكون من قول الموتور الذي ظفر بواتره ولم يزل يحرق عليه أنيابه وقد طلب إليه أن ينفس عن خناقه: أهلكني الله إن نفست عنك إلا إذا شئت، وقد علم أنه لا يشاء إلا التشفي منه بأقصى ما يقدر عليه من التعنيف والتشديد، فيكون قوله إلا إذا شئت من أشد الوعيد مع تهكم بالموعد لخروجه في صورة الاستثناء الذي فيه إطماع (إن ربك حكيم) لا يفعل شيئا إلا بموجب الحكمة (عليم) بأن الكفار يستوجبون عذاب الأبد (نولي بعض الظالمين بعضا) نخليهم حتى يتولى بعضهم بعضا كما فعل الشياطين وغواة الانس، أو نجعل بعضهم أولياء بعض يوم القيامة وقرناءهم كما كانوا في الدنيا (بما كانوا يكسبون) بسبب ما كسبوا من الكفر والمعاصي، يقال لهم يوم القيامة على جهة التوبيخ (ألم يأتكم رسل منكم)
(٥٠)
مفاتيح البحث: الظلم (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 ... » »»