____________________
يراعى الرجل الشئ بعينيه إذا اعتنى به، وتقول للصانع اصنع هذا على عيني أنظر إليك لئلا تخالف به عن مرادي وبغيتي. ولتصنع معطوف على علة مضمرة مثل ليتعطف عليك وترأم ونحوه، أو حذف معللة: أي ولتصنع فعلت ذلك. وقرئ ولتصنع بكسر اللام وسكونها والجزم على أنه أمر. وقرئ ولتصنع بفتح التاء والنصب أي وليكون عملك وتصرفك على عين منى. العامل في (إذ تمشى) ألقيت أو تصنع، ويجوز أن يكون بدلا من إذ أوحينا. فإن قلت: كيف يصح البدل والوقتان مختلفان متباعدان؟ قلت: كما يصح وإن اتسع الوقت وتباعد طرفاه أن يقول لك الرجل لقيت فلانا سنة كذا فتقول وأنا لقيته إذ ذاك، وربما لقيه هو في أولها وأنت في آخرها، يروى أن أخته واسمها مريم جاءت متعرفة خبره فصادفتهم يطلبون له مرضعة يقبل ثديها وذلك أنه كان لا يقبل ثدي امرأة، فقالت: هل أدلكم؟ فجاءت بالأم فقبل ثديها. ويروى أن آسية استوهبته من فرعون وتبنته وهى التي أشفقت عليه وطلبت له المراضع. هي نفس القبطي الذي استغاثه عليه الإسرائيلي قتله وهو ابن اثنتي عشرة سنة، اغتم بسبب القتل خوفا من عقاب الله ومن اقتصاص فرعون، فغفر الله له باستغفاره حين - قال رب إني ظلمت نفسي فاغفر لي - ونجاه من فرعون أن ينشب فيه أظفاره حين هاجر به إلى مدين (فتونا) يجوز أن يكون مصدرا على فعول في المتعدى كالثبور والشكور والكفور وجمع فتن أو فتنة على ترك الاعتداء بتاء التأنيث كحجوز وبدور في حجزة وبدرة: أي فتناك ضروبا من الفتن. سأل سعيد بن جبير ابن عباس رضي الله عنه فقال: خلصناك من محنة بعد محنة، ولد في عام كان يقتل فيه الولدان فهذه فتنة يا ابن جبير، وألقته أمه في البحر وهم فرعون بقتله، وقتل قبطيا وأجر نفسه عشر سنين وضل الطريق وتفرقت غنمه في ليلة مظلمة وكان يقول عند كل واحدة فهذه فتنة يا ابن جبير. والفتنة: المحنة وكل ما يشق على الإنسان وكل ما يبتلى الله به عباده فتنة قال - ونبلوكم بالشر والخير فتنة - (مدين) على ثماني مراحل من مصر. وعن وهب أنه لبث عند شعيب ثمانيا وعشرين سنة منها مهر ابنته وقضى أو في الأجلين: أي سبق في قضائي وقدري أن أكلمك وأستنبئك في وقت بعينه قد وقته لذلك فما جئت إلا على ذلك القدر غير مستقدم ولا مستأخر. وقيل على مقدار من الزمان يوحى فيه إلى الأنبياء وهو رأس أربعين سنة. هذا تمثيل لما خوله من منزله التقريب والتكريم والتكليم، مثل حاله بحال من يراه بعض الملوك لجوامع خصال فيه وخصائص أهلا لئلا يكون أحد أقرب منزلة منه إليه ولا ألطف محلا فيصطنعه بالكرامة والأثرة