____________________
حاسته لمن لا يهتدي إلى طريق النجاة، أما في الدنيا فلفقد النظر، وأما في الآخرة فلأنه لا ينفعه الاهتداء إليه، وقد جوزوا أن يكون الثاني بمعنى التفضيل ومن ثم قرأ أبو عمرو الأول ممالا والثاني مفخما، لأن أفعل التفضيل تمامه بمن فكانت ألفه في حكم الواقعة في وسط الكلام كقولك أعمالكم، وأما الأول فلم يتعلق به شئ فكانت ألفه واقعة في الطرف معرضة للإمالة " روي أن ثقيفا قالت للنبي صلى الله عليه وسلم: لا ندخل في أمرك حتى تعطينا خصالا نفتخر بها على العرب: لا نعشر ولا نحشر ولا نجبي في صلاتنا، وكل ربا لنا فهو لنا وكل ربا علينا فهو موضوع عنا، وأن تمتعنا باللات سنة ولا نكسرها بأيدينا عند رأس الحول، وأن تمنع من قصد وادينا وج فعضد شجره، فإذا سألتك العرب لم فعلت ذلك فقل: إن الله أمرني به وجاءوا بكتابهم. فكتب: بسم الله الرحمن الرحيم، هذا كتاب من محمد رسول الله لثقيف: لا يعشرون ولا يحشرون، فقالوا ولا يجبون، فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قالوا للكاتب: اكتب ولا يجبون والكاتب ينظر إلى رسول الله، فقام عمر بن الخطاب رضي الله عنه فسل سيفه وقال: أسعرتم قلب نبينا يا معشر ثقيف أسعر الله قلوبكم نارا، فقالوا: لسنا نكلم إياك إنما نكلم محمدا فنزلت " وروي " أن قريشا قالوا له اجعل آية رحمة آية عذاب وآية عذاب آية رحمة حتى نؤمن بك، فنزلت " (وإن كادوا ليفتنونك) إن مخففة من الثقيلة واللام هي الفارقة بينها وبين النافية، والمعنى: أن الشأن قاربوا أن يفتنوك: أي يخدعوك فاتنين (عن الذي أوحينا إليك) من أوامرنا ونواهينا ووعدنا ووعيدنا (لتفتري علينا) لتتقول علينا ما لم نقل، يعني ما أرادوه عليه من تبديل الوعد وعيدا والوعيد وعدا، وما اقترحته ثقيف من أن يضيف إلى الله ما لم ينزله عليه (وإذا لاتخذوك) أي ولو اتبعت مرادهم لاتخذوك (خليلا) ولكنت لهم وليا وخرجت من ولايتي (ولولا أن ثبتناك) ولولا تثبيتنا لك وعصمتنا (لقد كدت تركن إليهم) لقاربت أن تميل إلى خدعهم ومكرهم، وهذا تهييج من الله له وفضل تثبيت وفي ذلك لطف للمؤمنين (إذا) لو قاربت تركن إليهم أدنى ركنة (لأذقناك ضعف الحياة وضعف الممات) أي لأذقناك عذاب الآخرة وعذاب القبر مضاعفين.