الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل - الزمخشري - ج ٢ - الصفحة ٤٤١
في عقنه ونخرج له يوم القيامة كتابا يلقاه منشورا. اقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا. من اهتدى فإنما يهتدي لنفسه ومن ضل فإنما يضل عليها ولا تزر وازرة وزر أخرى وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا.
____________________
العرب: تقلدها طوق الحمامة، وقولهم: الموت في الرقاب. وهذا ربقة في رقبته. وعن الحسن " يا ابن آدم بسطت لك صحيفة إذا بعثت قلدتها في عنقك ". وقرئ في عنقه بسكون النون. وقرئ نخرج بالنون ويخرج بالياء والضمير لله عز وجل، ويخرج على البناء للمفعول، ويخرج من خرج والضمير للطائر: أي يخرج الطائر كتابا وانتصاب كتابا على الحال. وقرئ يلقاه بالتشديد مبنيا للمفعول، و (يلقاه منشورا) صفتان للكتاب أو يلقاه صفة ومنشورا حال من يلقاه (اقرأ) على إرادة القول. وعن قتادة: يقرأ ذلك اليوم من لم يكن في الدنيا قارئا و (بنفسك)، فاعل كفى و (حسيبا) تمييز وهو بمعنى حاسب كضريب القداح بمعنى ضاربها وصريم بمعنى صارم ذكرهما سيبويه. وعلى متعلق به من قولك حسب عليه كذا، ويجوز أن يكون بمعنى الكافي وضع موضع الشهيد فعدي بعلى لأن الشاهد يكفي المدعي ما أهمه. فإن قلت: لم ذكر حسيبا؟ قلت: لأنه بمنزلة الشهيد والقاضي والأمير، لأن الغالب أن هذه الأمور يتولاها الرجال، فكأنه قيل كفى بنفسك رجلا حسيبا. ويجوز أن يتأول النفس بالشخص كما يقال ثلاثة أنفس. وكان الحسن إذا قرأها قال: يا ابن آدم أنصفك والله من جعلك حسيب نفسك:
أي كل نفس حاملة وزرا فإنما تحمل وزرها لا وزر نفس أخرى (وما كنا معذبين) وما صح منا صحة تدعو إليها الحكمة أن نعذب قوما إلا بعد أن (نبعث) إليهم (رسولا) فتلزمهم الحجة. فإن قلت: الحجة لازمة لهم قبل بعثة الرسل لأن معهم أدلة العقل التي بها يعرف الله وقد أغفلوا النظر وهم متمكنون منه، واستيجابهم العذاب لإغفالهم النظر فيما معهم وكفرهم لذلك لا لإغفال الشرائع التي لا سبيل إليها إلا بالتوقيف، والعمل بها لا يصح إلا بعد الإيمان. قلت: بعثة الرسل من جملة التنبيه على النظر والإيقاظ من رقدة الغفلة لئلا يقولوا كنا غافلين، فلولا بعث
(٤٤١)
مفاتيح البحث: يوم القيامة (1)، الضلال (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 436 437 438 439 440 441 442 443 444 445 446 ... » »»