____________________
إيمانه. واستثنى منهم المكره فلم يدخل تحت حكم الافتراء، ثم قال (ولكن من شرح بالكفر صدرا) أي طاب به نفسا وأعتقده (فعليهم غضب من الله) ويجوز أن يكون بدلا من المبتدأ الذي هو أولئك على: من كفر بالله من بعد إيمانه هم الكاذبون، أو من الخبر الذي هو الكاذبون على وأولئك هم من كفر بالله من بعد إيمانه، ويجوز أن ينتصب على الذم، وقد جوزوا أن يكون من كفر بالله شرطا مبتدأ، ويحذف جوابه لأن جواب من شرح دال عليه كأنه قيل: من كفر بالله فعليهم غضب إلا من أكره - ولكن من شرح بالكفر صدرا فعليهم غضب - روي " أن أناسا من أهل مكة فتنوا فارتدوا عن الإسلام بعد دخولهم فيه، وكان فيهم من أكره فأجرى كلمة الكفر على لسانه وهو معتقد للإيمان، منهم عمار وأبواه ياسر وسمية وصهيب وبلال وخباب وسالم عذبوا، فأما سمية فقد ربطت بين بعيرين ووجئ في قلبها بحربة وقالوا إنك أسملت من أجل الرجال فقتلت، وقتل ياسر وهما أول قتيلين في الإسلام، وأما عمار فقد أعطاهم ما أرادوا بلسانه مكرها، فقيل يا رسول الله إن عمارا كفر؟ فقال:
كلا إن عمارا ملئ إيمانا من قرنه إلى قدمه واختلط الإيمان بلحمه ودمه، فأتى عمار رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يبكي، فجعل النبي صلى الله عليه وسلم يمسح عينيه وقال ما لك إن عادوا لك فعد لهم بما قلت " ومنهم جبر مولى الحضرمي أكرهه سيده فكفر، ثم أسلم مولاه وأسلم وحسن إسلامهما وهاجرا. فإن قلت: أي الأمرين أفضل، أفعل عمار أم فعل أبويه؟ قلت: بل فعل أبويه، لأن في ترك التقية والصبر على القتل إعزاز للإسلام وقد روي " أن مسيلمة أخذ رجلين فقال لأحدهما: ما تقول في محمد؟ قال رسول الله، قال: فما تقول في؟ قال:
أنت أيضا، فخلاه، وقال للآخر: ما تقول في محمد؟ قال: رسول الله، قال: فما تقول في؟ قال: أنا أصم، فأعاد عليه ثلاثا فأعاد جوابه فقتله، فبلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: أما الأول فقد أخذ برخصة الله، وأما الثاني فقد صدع بالحق فهنيئا له " (ذلك) إشارة إلى الوعيد وأن الغضب والعذاب يلحقانهم بسبب استحبابهم الدنيا على الآخرة واستحقاقهم خذلان الله بكفرهم (وأولئك هم الغافلون) الكاملون في الغفلة الذين لا أحد أغفل منهم، لأن الغفلة عن تدبر العواقب هي غاية الغفلة ومنتهاها (ثم إن ربك) دلالة على تباعد حال هؤلاء من حال أولئك وهم عمار وأصحابه، ومعنى إن ربك أنه لهم لا عليهم بمعنى أنه وليهم وناصرهم لا عدوهم وخاذلهم كما يكون الملك للرجل لا عليه فيكون محميا منفوعا غير مضرور (من بعد ما فتنوا) بالعذاب والإكراه على الكفر. وقرئ فتنوا على البناء للفاعل: أي بعد ما عذبوا المؤمنين كالحضرمي وأشباهه (من بعدها) من بعد هذه الأفعال وهي
كلا إن عمارا ملئ إيمانا من قرنه إلى قدمه واختلط الإيمان بلحمه ودمه، فأتى عمار رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يبكي، فجعل النبي صلى الله عليه وسلم يمسح عينيه وقال ما لك إن عادوا لك فعد لهم بما قلت " ومنهم جبر مولى الحضرمي أكرهه سيده فكفر، ثم أسلم مولاه وأسلم وحسن إسلامهما وهاجرا. فإن قلت: أي الأمرين أفضل، أفعل عمار أم فعل أبويه؟ قلت: بل فعل أبويه، لأن في ترك التقية والصبر على القتل إعزاز للإسلام وقد روي " أن مسيلمة أخذ رجلين فقال لأحدهما: ما تقول في محمد؟ قال رسول الله، قال: فما تقول في؟ قال:
أنت أيضا، فخلاه، وقال للآخر: ما تقول في محمد؟ قال: رسول الله، قال: فما تقول في؟ قال: أنا أصم، فأعاد عليه ثلاثا فأعاد جوابه فقتله، فبلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: أما الأول فقد أخذ برخصة الله، وأما الثاني فقد صدع بالحق فهنيئا له " (ذلك) إشارة إلى الوعيد وأن الغضب والعذاب يلحقانهم بسبب استحبابهم الدنيا على الآخرة واستحقاقهم خذلان الله بكفرهم (وأولئك هم الغافلون) الكاملون في الغفلة الذين لا أحد أغفل منهم، لأن الغفلة عن تدبر العواقب هي غاية الغفلة ومنتهاها (ثم إن ربك) دلالة على تباعد حال هؤلاء من حال أولئك وهم عمار وأصحابه، ومعنى إن ربك أنه لهم لا عليهم بمعنى أنه وليهم وناصرهم لا عدوهم وخاذلهم كما يكون الملك للرجل لا عليه فيكون محميا منفوعا غير مضرور (من بعد ما فتنوا) بالعذاب والإكراه على الكفر. وقرئ فتنوا على البناء للفاعل: أي بعد ما عذبوا المؤمنين كالحضرمي وأشباهه (من بعدها) من بعد هذه الأفعال وهي