الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل - الزمخشري - ج ٢ - الصفحة ٤٤
ونقلب أفئدتهم وأبصارهم كما لم يؤمنوا به أول مرة ونذرهم في طغيانهم يعمهون
____________________
لا يؤمنون بها وأنتم لا تدرون بذلك، وذلك أن المؤمنين كانوا يطمعون في إيمانهم إذا جاءت تلك الآية ويتمنون مجيئها، فقال عز وجل: وما يدريكم أنهم لا يؤمنون، على معنى أنكم لا تدرون ما سبق علمي به من أنهم لا يؤمنون به، ألا ترى إلى قوله - كما لم يؤمنوا به أول مرة - وقيل إنها بمعنى لعلها من قول العرب: ائت السوق إنك تشتري لحما، وقال امرؤ القيس:
عوجا على الطلل المحيل لأننا * نبكي الديار كما بكى ابن خذام وتقويها قراءة أبي: لعلها إذا جاءت لا يؤمنون، وقرئ بالكسر على أن الكلام قد تم قبله بمعنى: وما يشعركم ما يكون منهم، ثم أخبرهم بعلمه فيهم فقال: إنها إذا جاءت لا يؤمنون البتة، ومنهم من جعل لا مزيدة في قراءة الفتح. وقرئ وما يشعرهم أنها إذا جاءتهم لا يؤمنون: أي يحلفون بأنهم يؤمنون عند مجيئها وما يشعرهم أن تكون قلوبهم حينئذ كما كانت عند نزول القرآن وغيره من الآيات مطبوعا عليها فلا يؤمنوا بها (ونقلب أفئدتهم - ونذرهم) عطف على لا يؤمنون داخل في حكم وما يشعركم: بمعنى وما يشعركم أنهم لا يؤمنون، وما يشعركم أنا نقلب أفئدتهم وأبصارهم: أي نطبع على قلوبهم وأبصارهم فلا يفقهون ولا يبصرون الحق كما كانوا عيد نزول آياتنا أولا لا يؤمنون بها لكونهم مطبوعا على قلوبهم، وما يشعركم أنا نذرهم في طغيانهم: أي نخليهم وشأنهم لا نكفهم عن الطغيان حتى يعمهوا فيه، وقرئ ويقلب ويذرهم بالياء: أي الله عز وجل، وقرأ الأعمش وتقلب
(٤٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 ... » »»