الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل - الزمخشري - ج ٢ - الصفحة ٣٣
فأي الفريقين أحق بالأمن إن كنتم تعلمون. الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن وهم مهتدون. وتلك حجتنا آتيناها إبراهيم على قومه نرفع درجات من نشاء إن ربك حكيم عليم. ووهبنا له إسحاق ويعقوب كلا هدينا، ونوحا هدينا من قبل ومن ذريته داود وسليمان وأيوب ويوسف وموسى وهارون، وكذلك نجزي المحسنين. وزكرياء ويحيى وعيسى وإلياس كل من الصالحين. وإسماعيل واليسع ويونس ولوطا وكلا فضلنا على العالمين. ومن آبائهم وذرياتهم وإخوانهم واجتبيناهم وهديناهم إلى صراط مستقيم. ذلك هدى الله يهدي به من يشاء من عباده، ولو أشركوا لحبط عنهم ما كانوا يعملون. أولئك الذين آتيناهم الكتاب والحكم والنبوة فإن يكفر بها هؤلاء فقد وكلنا بها قوما ليسوا بها بكافرين. أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده، قل لا أسألكم عليه أجرا، إن هو إلا ذكرى للعالمين
____________________
فأينا أحق بالأمن أنا أم أنتم؟ احترازا من تزكيته نفسه فعدل عنه إلى قوله (فأي الفريقين) يعني فريقي المشركين والموحدين. ثم استأنف الجواب عن السؤال بقوله (الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم) أي لم يخلطوا إيمانهم بمعصية تفسقهم وأبى تفسير الظلم بالكفر لفظ اللبس (وتلك) إشارة إلى جميع ما أحتج به إبراهيم عليه السلام على قومه من قوله - فلما جن عليه الليل إلى قوله - وهم مهتدون - ومعنى (آتيناها) أرشدناه إليها ووفقناه لها (نرفع درجات من نشاء) يعني في العلم والحكمة، وقرئ بالتنوين (ومن ذريته) الضمير لنوح أو لإبراهيم، و (داود) عطف على نوحا أي وهدينا داود (ومن آبائهم) في موضع النصب عطفا على كلا بمعنى وفضلنا بعض آبائهم (ولو أشركوا) مع فضلهم وتقدمهم وما رفع لهم من الدرجات لكانوا كغيرهم في حبوط أعمالهم كما قال تعالى وتقدس - لئن أشركت ليحبطن عملك - (آتيناهم الكتاب) يريد الجنس (فإن يكفر بها) بالكتاب والحكمة والنبوة أو بالنبوة (هؤلاء) يعني أهل مكة (قوما) هم الأنبياء المذكورون ومن تابعهم بدليل قوله (أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده) وبدليل وصل قوله: فإن يكفر بها هؤلاء بما قبله، وقيل هم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم
(٣٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 ... » »»