____________________
وقرئ بضم الدال وسكونها (بالحق) في موضع الحال أي: نزله متلبسا بالحكمة: يعني أن النسخ من جملة الحق (ليثبت الذين آمنوا) ليبلوهم بالنسخ حتى إذا قالوا فيه هو الحق من ربنا والحكمة، حكم لهم بثبات القدم وصحة اليقين وطمأنينة القلوب، على أن الله حكيم فلا يفعل إلا ما هو حكمة وصاب (وهدى وبشرى) مفعول لهما معطوفان على محل ليثبت، والتقدير: تثبيتا لهم وإرشادا وبشارة، وفيه تعريض بحصول أضداد هذه الخصال لغيرهم. وقرئ ليثبت بالتخفيف. أرادوا بالبشر غلاما كان لحويطب بن عبد العزى قد أسلم وحسن إسلامه اسمه عائش أو يعيش وكان صاحب كتب. وقيل هو جبر غلام رومي كان لعامر بن الحضرمي. وقيل عبدان جبر ويسار كانا يصنعان السيوف بمكة ويقرآن التوراة والإنجيل، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا مر وقف عليهما يسمع ما يقرآن، فقالوا يعلمانه، فقيل لأحدهما فقال: بل هو يعلمني. وقيل هو سلمان الفارسي. واللسان اللغة. يقال ألحد القبر ولحده وهو ملحد وملحود: إذا أمال حفره عن الاستقامة فحفر في شق منه، ثم أستعير لكل إمالة عن استقامة فقالوا: ألحد فلان في قوله وألحد في دينه، ومنه الملحد لأنه أمال مذهبه عن الأديان كلها لم يمله عن دين إلى دين. والمعنى: لسان الرجل الذي يميلون قولهم عن الاستقامة إليه لسان (أعجمي) غير بين (وهذا) القرآن (لسان عربي مبين) ذو بيان وفصاحة ردا لقولهم وإبطالا لطعنهم. وقرئ يلحدون بفتح الياء والحاء. وفي قراءة الحسن اللسان الذي يلحدون إليه بتعريف اللسان. فإن قلت: الجملة التي هي قوله - لسان الذي يلحدون إليه أعجمي - ما محلها؟ قلت: لا محل لها لأنها مستأنفة جواب لقولهم ومثله قوله - الله أعلم حيث يجعل رسالته - بعد قوله - وإذا جاءتهم آية قالوا لن نؤمن حتى نؤتى مثل ما أوتي رسل الله - (إن الذين لا يؤمنون بآيات الله) أي يعلم الله منهم أنهم لا يؤمنون (لا يهديهم الله) لا يلطف بهم لأنهم من أهل الخذلان في الدينا والعذاب في الآخرة لا من أهل اللطف والثواب (إنما يفتري الكذب) رد لقولهم - إنما أنت مفتر - يعني إنما يليق افتراء الكذب بمن لا يؤمن لأنه لا يترقب عقابا عليه (وأولئك) إشارة إلى قريش (هم الكاذبون) أي هم الذين لا يؤمنون فهم الكاذبون، أو إلى الذين لا يؤمنون: أي أولئك هم الكاذبون على الحقيقة الكاملون في الكذب، لأن تكذيب آيات الله أعظم الكذب، أو أولاءك هم الذين عادتهم الكذب لا يبالون به في كل شئ لا تحجبهم عنه مروءة ولا دين، أو أولئك هم الكاذبون في قولهم إنما أنت مفتر (من كفر) بدل الذين لا يؤمنون بآيات الله على أن يجعل - وأولئك هم الكاذبون - اعتراضا بين البدل والمبدل منه، والمعنى: إنما يفتري الكذب من كفر بالله من بعد