الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل - الزمخشري - ج ٢ - الصفحة ٣٥٥
والأرض؟ قل الله، قل أفاتخذتم من دونه أولياء لا يملكون لأنفسهم نفعا ولا ضرا، قل هل يستوى الأعمى والبصير أم هل تستوى الظلمات والنور أم جعلوا لله شركاء خلقوا كخلقه فتشابه الخلق عليهم قل الله خالق كل شئ وهو الواحد القهار. أنزل من السماء ماء فسالت أودية
____________________
والزوال. وقرئ بالغدو والإيصال من آصلوا إذا دخلوا في الأصيل (قل الله) حكاية لاعترافهم وتأكيد له عليهم لأنه إذا قال لهم من رب السماوات والأرض؟ لم يكن لهم بد من أن يقولوا: الله، كقوله - قل من رب السماوات السبع ورب العرش العظيم سيقولون الله - وهذا كما يقول المناظر لصاحبه: أهذا قولك؟ فإذا قال هذا قولي قال قولك، فيحكى إقراره تقريرا له عليه واستيثاقا منه، ثم يقول له: فيلزمك على هذا القول كيت وكيت. ويجوز أن يكون تلقينا أي إن كعوا عن الجواب فلقنهم فإنهم يتلقونه ولا يقدرون أن ينكروه (أفاتخذتم من دونه أولياء) أبعد أن علمتموه رب السماوات والأرض اتخذتم من دونه أولياء،، فجعلتم ما كان يجب أن يكون سبب التوحيد من علمكم وإقراركم سبب الإشراك (لا يملكون لأنفسهم نفعا ولا ضرا) لا يستطيعون لأنفسهم أن ينفعوها أو يدفعوا عنها ضررا، فكيف يستطيعونه لغيرهم وقد آثر تموهم على الخالق الرازق المثيب المعاقب؟ فما أبين ضلالكم (أم جعلوا) بل أجعلوا ومعنى الهمزة الإنكار، و (خلقوا) صفة لشركاء: يعنى أنهم لم يتخذوا لله شركاء خالقين قد خلقوا مثل خلق الله (فتشابه) عليهم خلق الله وخلقهم حتى يقولوا: قدر هؤلاء على الخلق كما قدر الله عليه فاستحقوا العبادة فنتخذهم له شركاء ونعبدهم كما يعبد، إذ لافرق بين خالق وخالق، ولكنهم اتخذوا له شركاء عاجزين لا يقدرون على ما يقدر عليه الخلق فضلا أن يقدروا على ما يقدر عليه الخالق (قل الله خالق كل شئ) لا خالق غير الله، ولا يستقيم أن يكون له شريك في الخلق فلا يكون له شريك في العبادة (وهو الواحد) المتوحد بالربوبية (القهار)
(٣٥٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 350 351 352 353 354 355 356 357 358 359 360 ... » »»