الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل - الزمخشري - ج ٢ - الصفحة ٣٠٩
هذا غلام وأسروه بضاعة. والله عليم بما يعملون. وشروه بثمن بخس دراهم معدودة وكانوا فيه من الزاهدين. وقال الذي اشتراه من مصر لامرأته
____________________
يا سيدي ومولى. وعن نافع يا بشرى بالسكون وليس بالوجه لما فيه من التقاء الساكنين على غير حده إلا أن يقصد الوقف. قيل لما أدلى دلوه: أي أرسلها في الجب تعلق يوسف بالحبل، فلما خرج إذا هو بغلام أحسن ما يكون فقال: يا بشراى (هذا غلام) وقيل ذهب به، فلما دنا من أصحابه صاح بذلك يبشرهم به (وأسروه) الضمير للوارد وأصحابه أخفوه من الرفقة، وقيل أخفوا أمره ووجدانهم له في الجب وقالوا لهم دفعه إلينا أهل الماء لنبيعه لهم بمصر. وعن ابن عباس أن الضمير لإخوة يوسف وإنهم قالوا للرفقة: هذا غلام لنا قد أبق فاشتروه منا، وسكت يوسف مخافة أن يقتلوه و (بضاعة) نصب على الحال: أي أخفوه متاعا للتجارة. والبضاعة ما بضع من المال للتجارة: أي قطع (والله عليم بما يعملون) لم يخف عليه أسرارهم وهو وعيد لهم حيث استبضعوا ما ليس لهم، أو والله عليم بما يعمل إخوة يوسف بأبيهم وأخيهم من سوء الصنيع (وشروه) وباعوه (بثمن بخس) مبخوس ناقص عن القيمة نقصانا ظاهرا، أو زيف ناقص العيار (دراهم) لا دنانير (معدودة) قليلة تعد عدا ولا توزن، لأنهم كانوا لا يزنون إلا ما بلغ الأوقية وهى الأربعون ويعدون ما دونها. وقيل للقليلة معدودة لأن الكثيرة يمتنع من عدها لكثرتها. وعن ابن عباس: كانت عشرين درهما. وعن السدى اثنين وعشرين (وكانوا فيه من الزاهدين) ممن يرغب عما في يده فيبيعه بما طف من الثمن لأنهم التقطوه، والملتقط للشئ متهاون به لا يبالي بم باعه، ولأنه يخاف أن يعرض له مستحق ينتزعه من يده فيبيعه من أول مساوم بأوكس الثمن، ويجوز أن يكون معنى وشروه: واشتروه يعنى الرفقة من إخوته، وكانوا فيه من الزاهدين لأنهم اعتقدوا أنه آبق فخافوا أن يخطروا بما لهم فيه. ويروى أن إخوته اتبعوهم يقولون لهم استوثقوا منه لا يأبق. وقوله فيه ليس من صله الزاهدين لأن الصلة لا تتقدم على الموصول، ألا تراك لا تقول: وكانوا زيدا من الضاربين، وإنما هو بيان كأنه قيل: في أي شئ زاهدوا؟ فقال زهدوا فيه (الذي اشتراه) قيل هو قطفير أو إطفير، وهو العزيز الذي كان على خزائن مصر، والملك يومئذ الريان بن الوليد رجل من العماليق، وقد آمن بيوسف ومات في حياه يوسف، فملك بعده قابوس بن مصعب، فدعاه يوسف إلى الإسلام فأبى. واشتراه العزيز وهو ابن سبع عشره سنة وأقام في منزله ثلاث عشرة سنة، واستوزره الريان بن الوليد وهو ابن ثلاثين سنة، وآتاه العلم والحكمة وهو ابن ثلاث وثلاثين سنه وتوفى وهو ابن مائة وعشرين سنة. وقيل كان الملك في أيامه فرعون موسى عاش أربعمائة سنة بدليل قوله - ولقد جاءكم يوسف من قبل
(٣٠٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 304 305 306 307 308 309 310 311 312 313 314 ... » »»