____________________
اشتمال ربوبيته عليه وعليهم، ومن كون كل دابة في قبضته وملكته وتحت قهره وسلطانه، والأخذ بنواصيها تمثيل لذلك (إن ربى على صراط مستقيم) يريد أنه على طريق الحق والعدل في ملكه لا يفوته ظالم ولا يضيع عنده معتصم به (فإن تولوا) فإن تتولوا. فإن قلت: إلا بلاغ كان قبل التولي فكيف وقع جزاء للشرط؟ قلت: معناه فإن تتولوا لم أعاتب على تفريط في الإبلاغ وكنتم محجوجين بأن ما أرسلت به إليكم قد بلغكم فأبيتم إلا تكذيب الرسالة وعداوة الرسول (ويستخلف) كلام مستأنف، يريد: ويهلككم الله ويجئ بقوم آخرين يخلفونكم في دياركم وأموالكم (ولا تضرونه) بتوليكم (شيئا) من ضرر قط، لأنه لا يجوز عليه المضار والمنافع وإنما تضرون أنفسكم. وفى قراءة عبد الله ويستخلف بالجزم، وكذلك ولا تضروه. عطفا على محل فقد أبلغتكم. والمعنى: إن تتولوا يعذرني ويستخلف قوما غيركم ولا تضروا إلا نفسكم (على كل شئ حفيظ) أي رقيب عليه مهيمن، فما تخفى عليه أعمالكم ولا يغفل عن مؤاخذتكم، أو من كان رقيبا على الأشياء كلها حافظا لها وكانت مفتقرة إلى حفظه من المضار لم يضر مثله مثلكم (والذين آمنوا معه) قيل كانوا أربعة آلاف. فإن قلت: ما معنى: تكرير التنجية: قلت:
ذكر أولا أنه حين أهلك عدوهم نجاهم ثم قال (ونجيناهم من عذاب غليظ) على معنى: وكانت تلك التنجية من عذاب غليظ، وذلك أن الله عز وجل بعث عليهم السموم فكانت تدخل في أنوافهم وتخرج من أدبارهم فتقطعهم عضوا عضوا. وقيل أراد بالثانية التنجية من عذاب الآخرة ولا عذاب أغلظ منه وأشد. وقوله - برحمة منها - يريد بسبب الإيمان الذي أنعمنا عليهم بالتوفيق له (تلك عاد) إشارة إلى قبورهم وآثارهم كأنه قال: سيحوا في الأرض فانظروا إليها واعتبروا، ثم استأنف وصف أحوالهم فقال (جحدوا بآيات ربهم وعصوا رسله) لأنهم إذا عصوا رسولهم فقد عصوا جميع رسل الله - لا نفرق بين أحد من رسله - قيل لم يرسل إليهم إلا هود وحده (كل جبار عنيد) يريد رؤساءهم وكبراءهم ودعاتهم إلى تكذيب الرسل، ومعنى اتباع أمرهم طاعتهم، ولما كانوا تابعين لهم دون الرسل جعلت اللعنة تابعة لهم في الدارين تكبهم على وجوههم في عذاب الله و (ألا) وتكرارها مع النداء على كفرهم والدعاء عليهم تهويل لأمرهم وتفظيع له وبعث على الاعتبار بهم والحذر من مثل حالهم. فإن قلت: (بعدا) دعاء بالهلاك فما معنى الدعاء به عليهم بعد هلاكهم؟ قلت: معناه الدلالة على أنهم كانوا مستأهلين له ألا ترى إلى قوله:
إخوتي لا تبعدوا أبدا * وبلى والله قد بعدوا
ذكر أولا أنه حين أهلك عدوهم نجاهم ثم قال (ونجيناهم من عذاب غليظ) على معنى: وكانت تلك التنجية من عذاب غليظ، وذلك أن الله عز وجل بعث عليهم السموم فكانت تدخل في أنوافهم وتخرج من أدبارهم فتقطعهم عضوا عضوا. وقيل أراد بالثانية التنجية من عذاب الآخرة ولا عذاب أغلظ منه وأشد. وقوله - برحمة منها - يريد بسبب الإيمان الذي أنعمنا عليهم بالتوفيق له (تلك عاد) إشارة إلى قبورهم وآثارهم كأنه قال: سيحوا في الأرض فانظروا إليها واعتبروا، ثم استأنف وصف أحوالهم فقال (جحدوا بآيات ربهم وعصوا رسله) لأنهم إذا عصوا رسولهم فقد عصوا جميع رسل الله - لا نفرق بين أحد من رسله - قيل لم يرسل إليهم إلا هود وحده (كل جبار عنيد) يريد رؤساءهم وكبراءهم ودعاتهم إلى تكذيب الرسل، ومعنى اتباع أمرهم طاعتهم، ولما كانوا تابعين لهم دون الرسل جعلت اللعنة تابعة لهم في الدارين تكبهم على وجوههم في عذاب الله و (ألا) وتكرارها مع النداء على كفرهم والدعاء عليهم تهويل لأمرهم وتفظيع له وبعث على الاعتبار بهم والحذر من مثل حالهم. فإن قلت: (بعدا) دعاء بالهلاك فما معنى الدعاء به عليهم بعد هلاكهم؟ قلت: معناه الدلالة على أنهم كانوا مستأهلين له ألا ترى إلى قوله:
إخوتي لا تبعدوا أبدا * وبلى والله قد بعدوا