الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل - الزمخشري - ج ٢ - الصفحة ٢٧٤
أن أسألك ما ليس لي به علم وإلا تغفر لي وترحمني أكن من الخاسرين. قيل يا نوح اهبط بسلام منا وبركات عليك وعلى أمم ممن معك وأمم سنمتعهم ثم يمسهم منا عذاب أليم. تلك من أنباء الغيب نوحيها إليك ما كنت تعلمها أنت ولا قومك من قبل هذا فاصبر
____________________
فعوتب على أن اشتبه عليه ما يجب أن لا يشتبه (أن أسألك) من أن أطلب منك في المستقبل مالا علم لي بصحته تأدبا بأدبك واتعاظا بموعظتك (وأن لا تغفر لي) ما فرط منى من ذلك (وترحمني) بالتوبة على (أكن من الخاسرين) أعمالا. وقرئ يا نوح اهبط بضم الباء (بسلام منا) مسلما محفوظا من جهتنا أو مسلما عليك مكرما (وبركات عليك) ومباركا عليك والبركات الخيرات النامية. وقرئ وبركة على التوحيد (وعلى أمم ممن معك) يحتمل أن تكون من للبيان، فيرد الأمم الذين كانوا معه في السفينة لأنهم كانوا جماعات. أو قيل لهم أمم لأن الأمم تتشعب منهم، وأن تكون لابتداء الغاية: أي على أمم ناشئة ممن معك، وهى الأمم إلى آخر الدهر وهو الوجه، وقوله (وأمم) رفع بالابتداء و (سنمتعهم) صفة والخبر محذوف تقديره: وممن معك أمم سنمتعهم وأنما حذف لأن قوله - ممن معك - يدل عليه. والمعنى: إن السلام منا والبركات عليك وعلى أمم مؤمنين ينشؤون ممن معك، وممن معك أمم ممتعون بالدنيا منقلبون إلى النار، وكان نوح عليه السالم أبا الأنبياء والخلق بعد الطوفان منه وممن كان معه في السفينة. وعن محمد بن كعب القرظي: دخل في ذلك السلام كل مؤمن ومؤمنة إلى يوم القيامة، وفيما بعده من المتاع والعذاب كل كافر. وعن ابن زيد: هبطوا والله عنهم راض، ثم أخرج منهم نسلا منهم من رحم ومنهم من عذب. وقيل المراد بالأمم الممتعة قوم هود وصالح ولوط وشعيب (تلك) إشارة إلى قصة نوح عليه السلام ومحلها الرفع على الابتداء، والجمل بعدها أخبار: أي تلك القصة بعض أنباء الغيب موحاة إليك مجهولة عندك وعند قومك (من قبل هذا) من قبل إيحائي إليك وإخبارك بها، أو من قبل هذا العلم الذي كسبته بالوحي أو من قبل هذا الوقت (فاصبر) على تبليغ الرسالة وأذى قومك كما صبر نوح، وتوقع في العاقبة لك ولمن كذبك
(٢٧٤)
مفاتيح البحث: الخسران (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 269 270 271 272 273 274 275 276 277 278 279 ... » »»