ولا ينفعكم نصحي إن أردت أن أنصح لكم إن كان الله يريد أن يغويكم هو ربكم وإليه ترجعون. أم يقولون افتراه قل إن افتريته فعلى اجرامي
____________________
حتى تجحدوا فضلى بقولكم - وما نرى لكم علينا من فضل - ولا أدعى علم الغيب حتى تنسبوني إلى الكذب والافتراء، أو حتى أطلع على ما في نفوس أتباعي وضمائر قلوبهم (ولا أقول إني ملك) حتى تقولوا إلى ما أنت إلى بشر مثلنا، ولا أحكم على من استرذلتم من المؤمنين لفقرهم أن الله لن يؤتيهم خيرا في الدنيا والآخرة لهوانهم عليه كما تقولون، مساعدة لكم ونزولا على هواكم (انى إذا لمن الظالمين) ان قلت شيئا من ذلك. والازدراء افتعال من زرى عليه إذا عابه، وأزرى به قصر به، يقال ازدرته عينه واقتحمته عينه (جادلتنا فأكثرت جدالنا) معناه: أردت جدالنا وشرعت فيه فأكثرته كقولك: جاد فلان فأكثر وأطاب (فأتنا بما تعدنا) من العذاب المعجل (انما يأتيكم به الله) أي ليس الاتيان بالعذاب إلى انما هو إلى من كفرتم به وعصيتموه (ان شاء) يعنى ان اقتضت حكمته ان يجعله لكم. وقرأ ابن عباس رضي الله عنه: فأكثرت جدالنا. فان قلت: ما وجه ترادف هذين الشرطين؟ قلت: قوله (إن كان الله يريد ان يغويكم) جزاؤه بما دل عليه قوله - لا ينفعكم نصحي - وهذا الدال في حكم ما دل عليه فوصل بشرط كما وصل الجزاء بالشرط في قولك: إن أحسنت إلى أحسنت إليك إن أمكنني. فإن قلت: فما معنى قوله - إن كان الله يريد أن يغويكم -؟ قلت: إذا عرف الله من الكافر الاصرار فخلاه وشأنه ولم يلجئه سمى ذلك إغواء وإضلالا، كما أنه إذا عرف منه أنه يتوب ويرعوي فلطف به سمى إرشادا وهداية. وقيل - أن يغويكم - أن يهلككم، من غوى الفصيل غوى: إذا بشم فهلك، ومعان: أنكم إذا كنتم من التصميم على الكفر بالمنزلة التي لا تنفعكم نصائح الله ومواعظه وسائر ألطافه كيف ينفعكم نصحي؟ (فعلى اجرامي) وإجرامي بالفظ المصدر والجمع كقوله - والله يعلم إسرارهم - وأسرارهم، ونحو جرم وأجرام قفل وأقفال، وينصر الجمع أن فسره الأولون بآثامي.
والمعنى: إن صح وثبت أنى افتريته فعلى عقوبة اجرامي: أي افترائي، وكان حقي حينئذ أن تعرضوا عنى وتتألبوا
والمعنى: إن صح وثبت أنى افتريته فعلى عقوبة اجرامي: أي افترائي، وكان حقي حينئذ أن تعرضوا عنى وتتألبوا