الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل - الزمخشري - ج ٢ - الصفحة ١٣٥
ولكن أكثر الناس لا يعلمون. قل لا أملك لنفسي نفعا ولا ضرا إلا ما شاء الله ولو كنت أعلم الغيب لاستكثرت من الخير وما مسني السوء
____________________
ألحف وحفي بفلان وتحفى به: بالغ في البر به. وعن مجاهد استحفيت عنها السؤال حتى علمت. وقرأ ابن مسعود كأنك حفى بها: أي عالم بها بليغ في العلم بها. وقيل عنها متعلق بيسألونك: أي يسئلونك عنها كأنك حفي: أي عالم بها. وقيل إن قريشا قالوا له: إن بيننا وبينك قرابة فقل لنا متى الساعة؟ فقيل - يسألونك عنها كأنك حفي - تتحفى بهم فتختصهم بتعليم وقتها لأجل القرابة وتزوى علمها عن غيرهم، ولو أخبرت بوقتها لمصلحة عرفها الله في إخبارك به لكنت مبلغه القريب والبعيد من غير تخصيص كسائر ما أوحى إليك. وقيل كأنك حفي بالسؤال عنها تحبه وتؤثره: يعني أنك تكره السؤال عنها لأنها من علم الغيب الذي استأثر الله به ولم يؤته أحدا من خلقه. فإن قلت: لم كرر - يسئلونك - وإنما علمها عند الله -؟ قلت: للتأكيد ولما جاء به من زيادة قوله - كأنك حفي عنها - وعلى هذا تكرير العلماء الحذاق في كتبهم لا يخلون المكرر من فائدة زائدة، منهم محمد بن الحسن صاحب أبي حنيفة رحمهما الله (ولكن أكثر الناس لا يعلمون) أنه العالم بها وأنه المختص بالعلم بها (قل لا أملك لنفسي) هو إظهار للعبودية والانتفاء عما يختص بالربوبية من علم الغيب: أي أنا عبد ضعيف لا أملك لنفسي اجتلاب نفع ولا دفع ضرر كما المماليك والعبيد (إلا ما شاء) ربي ومالكي من النفع لي والدفع عني (ولو كنت أعلم الغيب) لكانت
(١٣٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 130 131 132 133 134 135 136 137 138 139 140 ... » »»