____________________
ويقال لمن كان عريقا في بعض الأمور: ما خلق فلان إلا لكذا، والمراد وصف حال اليهود في عظم ما أقدموا عليه من تكذيب رسول الله صلى الله عليه وسلم مع علمهم أنه النبي الموعود، وأنهم من جملة الكثير الذين لا يكاد الإيمان يتأتى منهم كأنهم خلقوا للنار (أولئك الأنعام) في عدم الفقه والنظر للاعتبار والاستماع للتدبر (بل هم أضل) من الانعام عن الفقه والاعتبار والتدبر (أولئك هم الغافلون) الكاملون في الغفلة، وقيل الأنعام تبصر منافعها ومضارها فتلزم بعض ما تبصره وهؤلاء أكثرهم يعلم أنه معاند فيقدم على النار (ولله الأسماء الحسنى) التي هي أحسن الأسماء، لأنها تدل على معان حسنة من تمجيد وتقديس وغير ذلك (فادعوه بها) فسموه بتلك الأسماء (وذروا الذين يلحدون في أسمائه) واتركوا تسمية الذين يميلون عن الحق والصواب فيها فيسمونه بغير الأسماء الحسنى، وذلك أن يسموه بما لا يجوز عليه، كما سمعنا البدو يقولون بجهلهم: يا أبا المكارم يا أبيض الوجه يا سخي، أو أن يأبوا تسميته ببعض أسمائه الحسنى نحو أن يقولوا: يا الله ولا يقولوا يا رحمن، وقد قال الله تعالى - قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن أيا ما تدعوا فله الأسماء الحسنى - ويجوز أن يراد: ولله الأوصاف الحسنى، وهي الوصف بالعدل والخير والإحسان وانتفاء شبه الخلق فصفوه بها، وذروا الذين يلحدون في أوصافه فيصفونه بمشيئة القبائح وخلق الفحشاء والمنكر، وبما يدخل في التشبيه كالرؤية ونحوها. وقيل إلحادهم في أسمائه: تسميتهم الأصنام آلهة