الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل - الزمخشري - ج ١ - الصفحة ٢٤١
فأتوا بسورة من مثله
____________________
أن القارئ إذا ختم سورة أو بابا من الكتاب ثم أخذ في آخر كان أنشط له وأهز لعطفه وأبعث على الدرس والتحصيل منه لو استمر على الكتاب بطوله، ومثله المسافر إذا علم أنه قطع ميلا أو طوى فرسخا أو انتهى إلى رأس بريد نفس ذلك منه ونشطه للسير، ومن ثم جزأ القراء القرآن أسباعا وأجزاء وعشورا وأخماسا. ومنها أن الحافظ إذا حذق السورة اعتقد أنه أخذ من كتاب الله طائفة مستقلة بنفسها لها فاتحة وخاتمة فيعظم عنده ماحفظه ويجل في نفسه ويغتبط به، ومنه حديث أنس رضي الله عنه كان الرجل إذا قرأ البقرة وآل عمران جد فينا، ومن ثمة كانت القراءة في الصلاة بسورة تامة أفضل. ومنها أن التفصيل سبب تلاحق الأشكال والنظائر وملاءمة بعضها لبعض، وبذلك تتلاحظ المعاني ويتجاوب النظم إلى غير ذلك من الفوائد والمنافع (من مثله) متعلق بسورة صفة لها: أي بسورة كائنة من مثله والضمير لما نزلنا أو لعبدنا، ويجوز أن يتعلق بقوله فأتوا والضمير للعبد. فإن قلت: وما مثله
(٢٤١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 234 235 236 237 238 241 243 244 247 248 249 ... » »»