الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل - الزمخشري - ج ١ - الصفحة ٢٣٧
وأنتم تعلمون
____________________
أتيما تجعلون إلى ندا * وما أتيم لذي حسب نديد وناددت الرجل خالفته ونافرته من ند ندودا إذا نفر ومعنى قولهم ليس لله ند ولا ضد نفى ما يسد مسده ونفى ما ينافيه فإن قلت كانوا يسمون أصنامهم باسمه ويعظمونها بما يعظم به من القرب وما كانوا يزعمون أنها تخالف الله وتناويه قلت لما تقربوا إليها وعظموها وسموها آلهة أشبهت حالهم حال من يعتقد أنها آلهة مثله قادرة على مخالقته ومضادته، فقيل لهم ذلك على سبيل التهكم، وكما تهكم بهم بلفظ الند شنع عليهم واستفظع شأنهم بأن جعلوا أندادا كثيرة لمن لا يصح أن يكون له ند قط، وفى ذلك قال زيد بن عمرو بن نفيل حين فارق دين قومه:
أربا واحدا أم ألف رب * أدين إذا تقسمت الأمور وقرأ محمد بن السميفع " فلا تجعلوا لله ندا ". فإن قلت: ما معنى (وأنتم تعلمون)؟ قلت: معناه وحالكم وصفتكم أنكم من صحة تمييز كم بين الصحيح والفاسد والمعرفة بدقائق الأمور وغوامض الأحوال والإصابة في التدابير والدهاء. والفطنة بمنزل لا تدفعون عنه، وهكذا كانت العرب خصوصا ساكنوا لحرم من قريش وكنانة لا يصطلى بنارهم في استحكام المعرفة بالأمور وحسن الإحاطة بها، ومفعول تعلمون متروك كأنه قيل:
(٢٣٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 230 232 234 235 236 237 238 241 243 244 247 ... » »»