الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل - الزمخشري - ج ١ - الصفحة ٢١٧
من الصواعق
____________________
يجعل في الأذان فهلا قيل أناملهم. قلت هذا من الاتساعات في اللغة التي لا يكاد الحاصر كقوله - فاغسلوا وجوهكم وأيديكم فاقطعوا أيديهما - أراد البعض الذي هو إلى الرسغ وأيضا ففي ذكر الأصابع من المبالغة ما ليس في ذكر الأنامل. فإن قلت فالأصبع التي تسد بها الأذن أصبع خاصة فلم ذكر الاسم العام دون الخاص قلت لأن فعالة من السب فكان اجتنابها أولى بآداب القرآن ألا ترى أنهم قد استبشعوها فكنوا عنها بالمسبحة والسباحة والمهلة والدعاءة فإن قلت فهلا ذكر بعض هذه الكنابات قلت هي ألفاظ مستحدثة لم يتعارفها الناس في ذلك العهد وإنما أحدثوها بعد وقوله (من الصواعق) متعلق بيجعلون: أي من أجل الصواعق يجعلون أصابعهم في آذانهم كقولك سقاه من العيمة والصاعقة قصفة رعد تنقض معها شقة من نار قالوا تنقدح من السحاب إذا اصطكت أجرامه، وهى نار لطيفة حديدة لا تمر بشئ إلا أتت عليه، إلا أنها مع حدتها سريعة الخمود يحكى أنها سقطت على نخلة فأحرقت نحو النصف ثم طفئت ويقال صعقته الصاعقة إذا أهلكته فصعق أي مات إما بشدة الصوت أو بالإحراق ومنه قوله تعالى وخر موسى صعقا وقرأ الحسن " من الصواقع " وليس بقلب للصواعق لأن كلا البناءين سواء في التصرف وإذا استويا كان كل واحد بناء على حياله
(٢١٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 207 209 214 215 216 217 218 219 221 222 224 ... » »»