الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل - الزمخشري - ج ١ - الصفحة ٢١٥
ظلمات ورعد وبرق
____________________
لا كزعم من يزعم أنه يأخذ من البحر، ويؤيده قوله تعالى - وينزل من السماء من جبال فيها من برد - إن قلت:
بم ارتفع (ظلمات). قلت: بالظرف على الاتفاق لاعتماده على موصوف. والرعد: الصوت الذي يسمع من السحاب كأن أجرام السحاب تضطرب وتتنتفض إذ حدتها الريح فتصوت عند ذلك من الارتعاد. والبرق: الذي يلمع من السحاب من برق الشئ بريقا إذا لمع. فإن قلت: قد جعل الصيب مكانا للظلمات فلا يخلو من أن يراد به السحاب أو المطر فأيهما أريد فما ظلماته؟ قلت: أما ظلمات السحاب فإذا كان أسحم مطبقا فظلمتا سحمته وتطبيقه مضمومة إليهما ظلمة الليل، وأما ظلمات المطر فظلمة تكاثفه وانتساجه بتتابع القطر وظلمة إظلال غمامه مع ظلمة الليل. فإن قلت: كيف يكون المطر مكانا للبرق والرعد وإنما مكانهما السحاب. قلت: إذا كانا في أعلاه ومصبه وملتبسين في الجملة به فهما فيه. ألا تراك تقول فلان في البلد، وما هو منه إلا في حيز يشغله جرمه. فإن قلت: هلا جمع الرعد والبرق أخذا بالأبلغ كقول البحتري:
يا عارضا متلفعا ببروده * يختال بين بروقه ورعوده
(٢١٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 200 203 207 209 214 215 216 217 218 219 221 ... » »»