الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل - الزمخشري - ج ١ - الصفحة ٦٣٣
لقد أخذنا ميثاق بني إسرائيل وأرسلنا إليهم رسلا كلما جاءهم رسول بما لا تهوى أنفسهم فريقا كذبوا وفريقا يقتلون.
____________________
بياء صريحة وهو من تخفيف الهمزة كقراءة من قرأ يستهزيون والصابون، وهو من صبوت لانهم صبوا إلى اتباع الهوى والشهوات في دينهم ولم يتبعوا أدلة العقل والسمع. وفي قراءة أبي رضي الله عنه والصابئين بالنصب وبها قرأ ابن كثير، وقرأ عبد الله يا أيها الذين آمنوا والذين هادوا والصابئون (لقد أخذنا) ميثاقهم بالتوحيد (وأرسلنا إليهم رسلا) ليقفوهم على ما يأتون وما يذرون في دينهم (كلما جاءهم رسول) جملة شرطية وقعت صفة لرسلا والراجع محذوف: أي رسول منهم (بما لا تهوى أنفسهم) بما يخالف هواهم ويضاد شهواتهم من مشاق التكليف والعمل بالشرائع. فإن قلت: أين جواب الشرط فإن قوله (فريقا كذبوا وفريقا يقتلون) ناب عن الجواب لان الرسول الواحد لا يكون فريقين، ولأنه لا يحسن أن تقول: إن أكرمت أخي أخاك أكرمت؟ قلت: هو محذوف يدل عليه قوله (فريقا كذبوا وفريقا يقتلون) كأنه قيل: كلما جاءهم رسول منهم ناصبوه، وقوله فريقا كذبوا جواب مستأنف، لقائل يقول: كيف فعلوا برسلهم؟ فإن قلت: لم جئ بأحد الفعلين ماضيا وبالآخر مضارعا؟
قلت: جئ يقتلون على حكاية الحال الماضية استفظاعا للقتل واستحضارا لتلك الحال الشنيعة للتعجيب منها، قرئ أن لا يكون بالنصب على الظاهر وبالرفع على أن أن هي المخففة من الثقيلة، أصله أنه لا يكون فتنة فخففت أن وحذف ضمير الشأن. فإن قلت: كيف دخل فعل الحسبان على أن التي للتحقيق؟ قلت: نزل حسابهم لقوته في صدورهم منزلة العلم. فإن قلت: فأين مفعولا حسب؟ قلت: سد ما يشتمل عليه صلة أن وأن من المسند والمسند إليه مسد المفعولين. والمعنى: وحسب بنو إسرائيل أنه لا يصيبهم من الله فتنة: أي بلاء وعذاب
(٦٣٣)
مفاتيح البحث: القتل (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 628 629 630 631 632 633 634 635 636 637 638 ... » »»