____________________
في قوله بشئ من الصيد؟ قلت: قلل وصغر ليعلم أنه ليس بفتنة من الفتن العظام التي تدحض عندها أقدام الثابتين كالابتلاء ببذل الأرواح والأموال، وإنما هو شبيه بما ابتلي به أهل أيلة من صيد السمك، وأنهم إذا لم يثبتوا عنده فكيف شأنهم عندما هو أشد منه، وقرأ إبراهيم يناله بالياء (حرم) محرمون جمع حرام كردح في جمع رداح.
والتعمد أن يقتله وهو ذاكر لاحرامه أو عالم أن ما يقتله مما يحرم عليه قتله، فإن قتله وهو ناس لاحرامه أو رمى صيدا وهو يظن أنه ليس بصيد فإذا هو صيد، أو قصد برميه غير صيد فعدل السهم عن رميته فأصاب صيدا فهو مخطئ.
فإن قلت: فمحظورات الاحرام يستوي فيها العمد والخطأ، فما بال التعمد مشروطا في الآية؟ قلت: لان مورد الآية فيمن تعمد، فقد روي أنه عن لهم في عمرة الحديبية حمار وحش فحمل عليه أبو اليسر فطعنه برمحه فقتله، فقيل له: إنك قتلت الصيد وأنت محرم فنزلت، ولان الأصل فعل التعمد والخطأ لاحق به للتغليظ، ويدل عليه قوله تعالى - ليذوق وبال أمره ومن عاد فينتقم الله منه - وعن الزهري نزل الكتاب بالعمد ووردت السنة بالخطأ.
وعن سعيد بن جبير: ولا أرى في الخطأ شيئا أخذا باشتراط العمد في الآية. وعن الحسن روايتان (فجزاء مثل ما قتل) برفع جزاء ومثل جميعا بمعنى فعليه جزاء يماثل ما قتل من الصيد. وهو عند أبي حنيفة قيمة المصيد يقوم حيث صيد، فإن بلغت قيمته ثمن هدي تخير بين أن يهدي من النعم ما قيمته قيمة الصيد، وبين أن يشتري بقيمته طعاما فيعطى كل مسكين نصف صاع من بر أو صاعا من غيره، وإن شاء صام عن طعام كل مسكين يوما، فإن فضل ما لا يبلغ طعام مسكين صام عنه يوما أو تصدق به. وعند محمد والشافعي رحمهما الله مثله نظيره من النعم فإن لم يوجد له نظير من النعم عدل إلى قول أبي حنيفة رحمه الله. فإن قلت: فما يصنع من يفسر المثل بالقيمة بقوله (من النعم) وهو تفسير للمثل وبقوله هديا بالغ الكعبة؟ قلت: قد خير من أوجب القيمة بين أن يشتري بها هديا أو طعاما أو يصوم كما خير الله تعالى في الآية، فكان قوله من النعم بيانا للهدي المشترى بالقيمة في أحد وجوه التخيير، لان من قوم الصيد واشترى بالقيمة هديا فأهداه فقد جزى بمثل ما قتل من النعم، على أن التخيير الذي في الآية بين أن يجزي بالهدي أو يكفر بالاطعام أو بالصوم إنما يستقيم استقامة ظاهرة بغير تعسف إذا قوم ونظر بعد التقويم أي الثلاثة يختار، فأما إذا عمد إلى النظير وجعله الواجب وحده من غير تخيير، فإذا كان شيئا لا نظير له قوم حينئذ، ثم يخير بين الاطعام والصوم ففيه نبو عما في الآية. ألا ترى إلى قوله تعالى - أو كفارة طعام مساكين أو عدل ذلك صياما - كيف خير بين الأشياء الثلاثة ولا سبيل إلى ذلك إلا بالتقويم. وقرأ عبد الله فجزاؤه مثل ما قتل، وقرئ فجزاء مثل ما قتل على الإضافة، وأصله فجزاء مثل ما قتل بنصب مثل بمعنى فعليه أن يجزى مثل ما قتل،
والتعمد أن يقتله وهو ذاكر لاحرامه أو عالم أن ما يقتله مما يحرم عليه قتله، فإن قتله وهو ناس لاحرامه أو رمى صيدا وهو يظن أنه ليس بصيد فإذا هو صيد، أو قصد برميه غير صيد فعدل السهم عن رميته فأصاب صيدا فهو مخطئ.
فإن قلت: فمحظورات الاحرام يستوي فيها العمد والخطأ، فما بال التعمد مشروطا في الآية؟ قلت: لان مورد الآية فيمن تعمد، فقد روي أنه عن لهم في عمرة الحديبية حمار وحش فحمل عليه أبو اليسر فطعنه برمحه فقتله، فقيل له: إنك قتلت الصيد وأنت محرم فنزلت، ولان الأصل فعل التعمد والخطأ لاحق به للتغليظ، ويدل عليه قوله تعالى - ليذوق وبال أمره ومن عاد فينتقم الله منه - وعن الزهري نزل الكتاب بالعمد ووردت السنة بالخطأ.
وعن سعيد بن جبير: ولا أرى في الخطأ شيئا أخذا باشتراط العمد في الآية. وعن الحسن روايتان (فجزاء مثل ما قتل) برفع جزاء ومثل جميعا بمعنى فعليه جزاء يماثل ما قتل من الصيد. وهو عند أبي حنيفة قيمة المصيد يقوم حيث صيد، فإن بلغت قيمته ثمن هدي تخير بين أن يهدي من النعم ما قيمته قيمة الصيد، وبين أن يشتري بقيمته طعاما فيعطى كل مسكين نصف صاع من بر أو صاعا من غيره، وإن شاء صام عن طعام كل مسكين يوما، فإن فضل ما لا يبلغ طعام مسكين صام عنه يوما أو تصدق به. وعند محمد والشافعي رحمهما الله مثله نظيره من النعم فإن لم يوجد له نظير من النعم عدل إلى قول أبي حنيفة رحمه الله. فإن قلت: فما يصنع من يفسر المثل بالقيمة بقوله (من النعم) وهو تفسير للمثل وبقوله هديا بالغ الكعبة؟ قلت: قد خير من أوجب القيمة بين أن يشتري بها هديا أو طعاما أو يصوم كما خير الله تعالى في الآية، فكان قوله من النعم بيانا للهدي المشترى بالقيمة في أحد وجوه التخيير، لان من قوم الصيد واشترى بالقيمة هديا فأهداه فقد جزى بمثل ما قتل من النعم، على أن التخيير الذي في الآية بين أن يجزي بالهدي أو يكفر بالاطعام أو بالصوم إنما يستقيم استقامة ظاهرة بغير تعسف إذا قوم ونظر بعد التقويم أي الثلاثة يختار، فأما إذا عمد إلى النظير وجعله الواجب وحده من غير تخيير، فإذا كان شيئا لا نظير له قوم حينئذ، ثم يخير بين الاطعام والصوم ففيه نبو عما في الآية. ألا ترى إلى قوله تعالى - أو كفارة طعام مساكين أو عدل ذلك صياما - كيف خير بين الأشياء الثلاثة ولا سبيل إلى ذلك إلا بالتقويم. وقرأ عبد الله فجزاؤه مثل ما قتل، وقرئ فجزاء مثل ما قتل على الإضافة، وأصله فجزاء مثل ما قتل بنصب مثل بمعنى فعليه أن يجزى مثل ما قتل،