الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل - الزمخشري - ج ١ - الصفحة ٦٣٦
وضلوا عن سواء السبيل. لعن الذين كفروا من بني إسرائيل على لسان داود وعيسى ابن مريم ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون. كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه، لبئس ما كانوا يفعلون.
____________________
التثليث (وضلوا) لما بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم (عن سواء السبيل) حين كذبوه وحسدوه وبغوا عليه:
نزل الله لعنهم في الزبور (على لسان داود) وفي الإنجيل على لسان عيسى. وقيل إن أهل أيلة لما اعتدوا في السبت قال داود عليه السلام: اللهم العنهم واجعلهم آية، فمسخوا قردة. ولما كفر أصحاب عيسى عليه السلام بعد المائدة قال عيسى عليه السلام: اللهم عذب من كفر بعد ما أكل من المائدة عذابا لم تعذبه أحدا من العالمين، والعنهم كما لعنت أصحاب السبت، فأصبحوا خنازير وكانوا خمسة آلاف رجل ما فيهم امرأة ولا صبي (ذلك بما عصوا) أي لم يكن ذلك اللعن الشنيع الذي كان سبب المسخ إلا لأجل المعصية والاعتداء لا لشئ آخر، ثم فسر المعصية والاعتداء بقوله (كانوا لا يتناهون) لا ينهى بعضهم بعض (عن منكر فعلوه) ثم قال (لبئس ما كانوا يفعلون) للتعجيب من سوء فعلهم مؤكدا لذلك بالقسم، فيا حسرة على المسلمين في إعراضهم عن باب التناهي عن المناكير وقلة عبثهم به كأنه ليس من ملة الاسلام في شئ مع ما يتلون من كلام الله وما فيه من المبالغات في هذا
(٦٣٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 631 632 633 634 635 636 637 638 639 640 641 ... » »»